للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يتّسع لستين ألف، وثجا Thugga (دجا) التي تشهد خرائب ملهاها ذي العُمَد الكورنثية الرشيقة بثراء أهلها وحسن ذوقهم. وكانت في شمال قرطاجنة أمها ومنافستها القوية يتكا Ytica؛ وفي وسعنا أن نلمح ما كانت عليه من ثراء في عهد الرومان، إذا عرفنا أن ثلاثمائة من رجال المصارف وبائعي الجملة من الرومان كانت لهم فروع فيها عام ٤٦ ق. م. وكان الإقليم التابع لها يمتد شمالاً إلى هبو ديرهيتس Hippo Diarrgytus (بنزرت الحالية)، وكان يمتد فيها طريق محاذٍ لشاطئ البحر متجه نحو الغرب يصلها بمدينة هبو رجيوس Hippo Rigius (بونة)، التي أضحت بعد زمن قليل كرسي أبرشية القديس أوغسطين. وكان إلى جنوبيها في الداخل مدينة سرتة Cirta (قسطنطينية) عاصمة ولاية نوميديا، وفي غرب هذه المدينة الأخيرة بلدة ثمجادي Thomuhadi (ثمجاد)، التي تكاد تحتفظ بآثارها احتفاظ بمبي؛ ففيها الشوارع المرصوفة المعمّدة، والمجاري المسقفة، وفيها قوس نصر ظريف، وسوق عامة، وبناء مجلس الشيوخ، وباسلقا، وهياكل، وحمّامات، وملهى، ومكتبة، وبيوت خاصة كثيرة. وقد عثر في أرض السوق على لوحة للعب الداما نقشت عليها هذه العبارة: Venari، Iavare. ludere، ridere، hoc est vivere - ومعناها "الصيد، والاستحمام، واللعب، والضحك، هذه هي الحياة" (١٢). والفيلق الثالث الذي كان وحده يحرس الولايات الأفريقية هو الذي أنشأ ثمجادي حوالي عام ١١٧ م. ثم اتخذ في عام ١٢٣ مركزا لقيادته يقيم فيه أكثر مما يقيم في ثمجادي ويبعد عنها بضعة أميال نحو الغرب، وأنشأ في مدينة لمبيسيس Lambaesis (لمبيز). وهنا تزوج الجنود واستقروا، وعاشوا في بيوتهم أكثر مما كانوا يعيشون في المعسكر. ولكن معسكرهم نفسه كان مرحاً، فخماً، جميل الزينة، به حمّامات لا تقل جمالها عن أية حمامات أخرى في أفريقية. أما في خارج المعسكر فقد أعانوا الأهلين في بناء هيكل لجوبتر، وعدد من الهياكل، وأقواس النصر، ومدرج