من أطفال الأحياء (٩). وأخذ أهل البلاد ينافسون الرومان في حب الترف، وأدهان التجميل، والحُلي والشعر المصبوغ، وسباق العربات، وألعاب المجالدين. وكان من بين المناظر البارزة في المدينة حماماتها العامة العظيمة التي وهبها لها ماركس أوورليوس. وكانت فيها قاعات للمحاضرات، ومدارس لتعليم البيان، والفلسفة، والطب، والقانون، مما جعل قرطاجنة مدينة جامعية لا يفوقها من هذه الناحية إلا أثينة والاسكندرية، وفد إليها أبوليوس Apuleius وترتليان Tertullian ليدرسا فيها جميع فروع العلم، وقد دهش القديس أغسطين من مرح الطلاب وفساد أخلاقهم، فقد كان يحلو لهم أن يقتحموا قاعات المحاضرات ويخرجوا منها الأستاذ وتلاميذه (١٠).
وكانت قرطاجنة حاضرة الولاية المسمّاة أفريقية ومحلها الآن شرقي بلاد تونس. ونشأ من رواج التجارة في جنوبي هذه المدينة على الشاطئ الشرقي طائفة من المُدن أخذت ثروتها القديمة تعود إليها بعد إثني عشر قرناً من الزمان حتى دهمتها الحروب في هذه الأيام، ومن هذه المُدن القديمة حضرمنتم Hadrumentum (ومحلّها الآن سوسة) ولبتس Leptes الصغرى، وثبسوس Thapsus وتكابي Tacapae (فابس الحالية). وكان إلى شرقيها على البحر الأبيض إقليم يدعى تريبوليس Tripolis (طرابلس) وسمي كذلك لأنه حلف مكون من ثلاث مُدن: أويا Oea (طرابلس الحالية) التي أسسها الفينيقيون قبيل عام ٩٠٠ ق. م، وسبراتة Sabrata ولبتس مجنا (الكبرى)(لبدة الحالية): وهذه البلدة الأخير هي مسقط رأس الإمبراطور سبتميوس Septimius Sevrus فقد ولد فيها عام ١٤٦ م؛ ووهبها في حياته باسلقا وحمّاماً عاماً تدهش آثاره السائح أو المحارب في هذه الأيام. وكانت طرق مرصوفة تسير عليها قوافل الإبل تصل هذه الثغور بالمُدن الداخلية: سفتولا Safetula وهي الآن قرية صغيرة بها آثار هيكل روماني عظيم؛ وثسدروس Thysdrus (الجم)، وكان فيها مدرج