للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثم ينزل إلى أسبانيا. وجاء هؤلاء، "الكلت" معهم بثقافة هولستات Hallstatt الحديدية من النمسا. ثم استوردوا من سويسرا حوالي عام ٥٥٠ ق. م فن لاتين La Te`ne في صناعة الحديد، وكان قد تقدم تقدماً كبيراً في سويسرا. وسمّت روما فرنسا أول ما عرفتها بإسم كلتيكا Celtica ولم يتغير هذا الاسم إلى غالة Gallia إلا في عهد قيصر.

وغلب المهاجرون أهل البلاد أو فاقوهم في عددهم، واستقروا قبائل مستقلّة لا تزال أسماؤها تنم عليها المُدن التي شادوها (١). ويقول قيصر إن الغاليين كانوا قوماً طوال القامة، وأقوياء الأجسام، ظاهري العضلات (٢٣)، يمشطون شعرهم الغزير الأشقر ويرسلونه خلف رؤوسهم وعلى أقفيتهم، وكان بعضهم يطيلون لحاهم، والكثيرون منهم يتركون شواربهم تتثنى حول أفواههم. وقد نقلوا معهم من بلاد الشرق، وربما كان ذلك عن الإيرانيين الأقدمين، عادة لبس السراويل القصيرة، وأضافوا هم إليها رداء مصبوغاً بألوان كثيرة ومطرزاً بالأزهار، ومن فوقه عباءة مخططة تتدلى من الكتفين، وكانوا مولعين بالجواهر، ويتزينون في الحروب بالحلي الذهبية - إن لم يكن عندهم ما هو أثمن منها (٢٤). وكانوا يكثرون من أكل اللحم، وشرب الجعة والخمر غير المخفف بالماء، لأنهم كانوا "سكّيرين بفطرتهم" إذا جاز لنا أن نصدق أبيان (٢٥). ويصفهم أسترابون بأنهم قوم "سذّج .. ذوو شمم وكبيراء، لا يطيقهم أحد إذا انتصروا، وتطير نفوسهم شعاعاً إذا غُلبوا" (٢٦)، ولكن علينا ألا نثق كل الثقة بهذه الأقوال لأنه ليس من الخير


(١) منهم الأنبياني Anbiani في أمين Amiens، والبلوفاكي Bellovaci في بوفيه Beauvais والبتيوريج Bituriges في بورج Bourge والكرنوت Carnutes في شارتر Ghartres والباريسي في باريس، والبكتون Pictones في بواتييه، والريمي Remi في ريمس Rheims والسنون Senones في سن Sens والسوسيون Suessiones في سواسون Soissons الخ.