شجاعاً، أضاف إلى محاسنه إحساسه في شبابه بهذه المحاسن ولم تكن جهوده الموفقة في الحرب ليضارعها غير مغامراته في الحب. وبعد أن نحى رمسيس عن العرش أخاً له ذا مطالب جاءت في غير وقتها المناسب، سير حملة إلى بلاد النوبة ليفتح ما فيها من مناجم الذهب، ويملأ به خزانة مصر، واستخدم ما جاءته به هذه الحملة من أموال لإخضاع الولايات الآسيوية التي خرجت على مصر وقضى ثلاث سنين في إخضاع فلسطين؛ ثم وصل زحفه والتقى عند قادش (١٢٨٨ ق. م) بجيش عظيم جمعه الأحلاف الآسيويون. بدل بشجاعته وبراعة قيادته هزيمة محدقة به نصراً مؤزراً. ولربما كان من نتائج هذه الحملات أن جيء إلى مصر بعدد كبير من اليهود عبيداً أو مهاجرين؛ ويعتقد بعضهم أن رمسيس الثاني هو بعينه فرعون موسى الذي ورد ذكره في سفر الخروج (٢٧٣). وأمر أن تخلد انتصاراته بغير قليل من المبالغة والتحيز على خمسين جداراً أو نحوها، وكلف أحد الشعراء بأن يشيد بذكره في ملحمة شعرية، وكافأ نفسه على أعماله ببضع مئات من الزوجات. وخلف بعد وفاته مائة ولد وخمسين بنتاً ليبرهن على رجولته بعدد هؤلاء الأبناء وبنسبة الذكور منهم إلى الإناث. وتزوج عدداً من بناته حتى يكن لهن أيضاً أبناء عظماء. وكان أبنائه ومن تناسل منهم من الكثرة بحيث تألفت منهم طبقة خاصة في مصر بقيت على هذه الحال أربعة قرون، وظل حكام مصر يختارون من هذه الطبقة أكثر من مائة عام.
والحق أنه كان جديراً بهذا كله، فقد حكم مصر كما يلوح حكماً موفقاً. ولقد أسرف في البناء إسرافاً كان من نتائجه أن نصف ما بقي من العمائر المصرية يعزى إلى أيام حكمه. وأتم بناء البهو الرئيسي في الكرنك، وأضاف أبنية جديدة إلى معبد الأقصر وشاد ضريحه الكبير المعروف بالرمسيوم في غرب النهر، وأتم الهيكل العظيم المنقور في الجبل عند أبي سنبل، ونثر تماثيل له ضخمة في طول البلاد وعرضها. وراجت التجارة في عهده عن طريق