برزخ السويس والبحر الأبيض المتوسط، واحتفر ترعة أخرى توصل النيل بالبحر الأحمر، ولكن الرمال السافية طمرته بعد وفاته بزمن قليل. وأسلم رمسيس الروح في عام ١٢٢٥ ق. م وهو في التسعين من عمره، بعد عهد يعد من أشهر العهود في التاريخ.
ولم يكن في البلاد سلطة بشرية تعلو فوق سلطته إلا سلطة الكهنة. ثم قام النزاع في مصر كما قام في غيرها من البلاد خلال جميع العهود بين الدولة والكنيسة. فقد كانت أسلاب كل حرب والجزء الأكبر من خراج البلاد المفتوحة تتدفق في أثناء حكمه وحكم خلفائه الذين تولوا الملك بعده مباشرة في خزائن الهياكل والكهنة. وبلغت هذه الثروة غايتها في عهد رمسيس الثالث. فكان للمعابد من العبيد ٠٠٠ ر ١٠٧ وهم جزء من ثلاثين جزءاً من سكان مصر. وكان لها من أرض مصر ٠٠٠ ر ٧٥٠ فدان أي سبع أرض مصر الصالحة للزراعة. وكانت تمتلك ٠٠٠ ر ٥٠٠ رأس من الماشية، وتستحوذ على إيراد ١٦٩ مدينة من مدن مصر والشام. وكانت هذه الثروة الضخمة كلها معفاة من الضرائب (٢٧٤). وأغدق رمسيس الثالث الكريم، وإن شئت فقل الوهاب، من الهدايا على كهنة آمون ما لم يسبق له في كثرته مثيل. وكان من هذه الهدايا ٠٠٠ ر ٣٢ كيلو جرام من الذهب، ومليون كيلو جرام من الفضة (٢٧٥). وكان يهبهم كل سنة ٠٠٠ ر ١٨٥ كيس من الحبوب. ولما حان الوقت لأداء أجور العمال الذين تستخدمهم الدولة في مرافقها وجد الخزانة مقفرة (٢٧٦). وجاء الشعب واشتد جوعه يوماً بعد يوم لكي يتخم الآلهة.
وكان من شأن هذه السياسة أن يصبح الملوك خدام الآلهة عاجلا كان ذلك أو آجلا. فلما أن جلس على العرش آخر الملوك الذين تسموا باسم رمسيس اغتصب المُلكَ الكاهن الأكبر للإله آمون، وحكم حكماً كان له فيه السلطان الأعلى. وأمست الإمبراطورية المصرية حكومة دينية راكدة ازدهر فيها البناء