امتزج في اسمها الحديث جلوسستر Gloucester لفظاً جليفم وشستر وثاني اللفظين هو اللفظ الإنجليزي السكسوني المقابل لكلمة مدينة (١)؛ ويلوح أن تشستر، وونشستر، ودورشستر، وشيشستر، وليسستر (لستر)، وسلشستر، ومنشستر قد بدأت كلها في القرنين الأول والثاني من حكم الرومان. وكانت في أول الأمر بلداناً صغيرة يسكن كل منها حوالي ستة آلاف نفس، ولكنها كانت تستمتع بشوارع مرصوفة ذات مجار، وبأسواق عامة وباسقات، وهياكل، وبيوت أسسها من الحجارة وأسقفها مغطاة بالقرميد، وكان في فركونيوم Virconium (ركستر الحالية Wroxeter) باسقات تتسع لستة آلاف شخص، وحمّامات تتسع لاستحمام مئات من الأشخاص في وقت واحد. وكان لأكوا سالس Aquae Salis (المياة الملحة)، التي تعرف باسم باث Bath عيون حارة أصبحت بفضلها ملاذاً طيباً في الزمن القديم كما يدل على ذلك ما بقى من آثار حمّاماتها الحارة إلى اليوم. وعلا شأن لندنيوم من الناحيتين الاقتصادية والحربية لحسن موقعها على نهر التاميز ولأهمية الطرق المتفرعة منها، وزاد سكانها حتى بلغوا ستين ألفاً وسرعان ما أضحت عاصمة بريطانيا بدل كولودونم (٤٩).
وكانت البيوت في لندن الرومانية من الآجر والمصيص أما في البلدان الصغيرة فكانت من الخشب، وكان الجو هو الذي يحدد شكلها، فكان لها سقف هرمي يقيها المطر والثلج، ونوافذ كثيرة لينفذ منها ما عسى أن يكون من أشعة الشمس، "لأن الشمس" كما يقول استرابون "لم تكن تُرى أكثر من ثلاث ساعات أو أربع حتى في اليوم الصحو"(٥٠). أما داخلها فكان على الطراز الروماني: - أرضه من الفسيفساء، وبه حمّامات كبيرة، وجدران قائمة عمودية وتدفئة مركزية،
(١) هفر فيلد Haverfield، ولكن أكثر من هذا قبولاً أن اللفظ مشتق من كسترم Castrum اللاتينية ومعناها حصن؛ أو كسترى Castra بمعنى معسكر: وقد خططت معظم المُدن الرومانية خط البريطانية على طراز رقعة الشطرنج كما كانت تخطط المعسكرات الرومانية.