أن تشتريه بدمك هو شعار العاجزين الخاملين وأنه لا يليق قد بالجندي" (٥٣).
ولقد تحدّث المؤرخ الروماني عن صفات الألمان الحربية وعن حماسة النساء وهنّ يحرّضنَ الرجال على القتال، ويحاربن إلى جنبهم في كثير من الأحيان. وكان وهو يصفهم يتحسر على تدهور شعبه بفعل الترف والسلم، ويغالي في هذا الوصف مغالاة الواعظ والمعلّم الأخلاقي. ولقد كان الفرار من العدو يسربل من يرتكبه بعار لا يمحى مدى الحياة، ويؤدي في كثير من الأحيان إلى الانتحار. وقد وصف أسترابون الألمان بأنهم "أشد بأساً وأطول قامة من الغاليين" (٥٤). وكأن سنكا قد قرأ تاستس فاستنتج من هذا نتائج منذرة بأسوأ النُذر فقال: "إن الترف والثراء لا يُزيدان هذه الأجسام القوية العنيفة، وهذه التقوى التي لا تعنى قط باللذة، إلا قليلاً من التنظيم والحذق في الحركات العسكرية - وحسبي هذا. ولن تستطيعوا (أيها الرومان) أن تقفوا في وجههم إلا إذا عدتم إلى فضائل آبائكم" (٥٥).
ويرى تاستس أن أولئك الأقوام كانوا في أيام السلم كسالى بُلداء، يقضي الرجال أوقاتهم (ولعلّ ذلك بعد الصيد أو موسم الحصاد) في ملء بطونهم باللحم وشرب أنهار من الجعّة، بينما تقوم النساء والأطفال بالأعمال المنزلية (٥٦) وكان الألماني يشتري زوجته من أبيها بهدية من الماشية أو السلاح، وكان له عليها وعلى أبنائهما حق الحياة أو الموت بشرط أن توافق على ذلك جمعية القبيلة. لكن النساء رغم هذا كانت لهم عندهم مكانة عالية، وكثيراً ما كان يُطلب إليهنّ أن يفصلن فيما يشجر بي رجال القبيلة من منازعات، وكان من حقهنّ أن يطلقنّ أزواجهن، كما كان من حق هؤلاء الأزواج أن يطلقوهنّ. وكان لبعض زعماء القبائل عدة أزواج، ولكن الأسرة الألمانيّة العادية لم يكن فيها إلا زوجة واحدة، ويؤكد لنا المؤرخون أنا كانت تراعي مستوى عالياً من الأخلاق الزوجية، "فالزنى قلّما كان يُسمع به عندهم"، وإذا ارتكبته المرأة عوقبت بقص شعرها والحكم عليها بأن تسير عارية في الشوارع وأن تضرب بالسياط، وهي تحاول