للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

جميعها تقريباً ما في غيرها من الهياكل والباسقات، والملاهي، والحمّامات، والتمايل العامة. وكانت كثير من الفيالق التي ترسلها روما لحراسة الرين تجيش خارج معسكراتها، ويتزوج رجالها بفتيات ألمانيّات، ويعيشون مواطنين في تلك البلاد بعد أن تنتهي مدة خدمتهم العسكرية. والراجح أن بلاد الرين لم تكن في أيام الرومان أقل سكاناً أو غنى منها في أي وقت قبل القرن التاسع عشر.

ولقد سبق القول إن مهندسي روما العسكريين قد أنشئوا بين نهري الرين والدانوب طريقاً محصناً، وأقاموا على جانبيه قلاعاً تبعد كلٌّ منها عن الأخرى تسعة أميال، كما أقاموا عليه سوراً يبلغ طوله ثلاثمائة ميل. وأفاد هذا الطريق المحصن روما مائة عام، ولكنه لم يفدها شيئاً حين نقصت نسبة المواليد بين الرومان نقصاً كبيراً عمّا كانت عليه عند الألمان. وكان نهر الدانوب الذي يعدّه الأقدمون أطول أنهار العالم أضعف من نهر الرين حداً فاصلاً بين الدولة الرومانية والقبائل الألمانيّة. وكان إلى جنوبه الولايات النصف الهمجية ريتيا، ونوركم، وبنونيا، وهي الولايات التي تتكوّن منها البلاد التي كُنّا نعرها في شبابنا بإسم دولتي النمسا والمجر والصرب. وقد أنشأ الرومان في موضع أجزبرج Augsburg (أي بلطة أغسطس الحديثة) مستعمرة رومانية هي مستعمرة أغسطا فندلكورم Augusta Vindelicorum كان هي المحطّة الرئيسية على الطريق الممتد من إيطاليا فوق ممر برنر Brenner إلى نهر الدانوب. وشادوا على النهر نفسه مدينتين حصينتين عند فندوبونا Vindobona وهي مدينة فينّا الحالية، وعند أكونكم Aquincum على المرتفعات التي تشرف منها بودا Buda على بست Pest. وقامت مدينة سرميوم Sirmium (متروفيكا Mitrovica) في بنونيا الجنوبية الشرقية على نهر الساف Save غرب موقع بلغراد الحديثة، وصارت هذه المدينة في أيام دقلديانوس إحدى العواصم الإمبراطوريّة الأربع. وقامت بفضل النشاط التجاري