للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كانت تقوم أهم مُدن الولاية: إدسا، وبلا، وتسالونيكا. وكانت هذه المدينة الأخيرة التي كان اليونان يعرفونها باسمها القديم "نصر تساليا" عاصمة الولاية، ومركز مجالسها، وإحدى الثغور التجارية الهامة بين بلاد البلقان وآسية. أما تراقية الواقعة في شرقها فقد اختصّت نفسها بالزراعة، والرعي، والتعدين، ولكنها كانت تشتمل على مُدن كبيرة أهمّها سرديكا Serdica (صوفيا Sofia) ، وفلبوبوليس Philippopolis عاصمتها، وأدريانوبل (أدرنة)، وبرنثس Perinthus، وبيزنطية (اسطنبول الحالية). وهنا على القرن الذهبي، كان التجار وصائدوا السمك يجمعون ثروة طائلة بينما كان اليونان الذين يقطنون من ورائها في الداخل يتقهقرون أمام البرابرة المعتدين. وكانت الحبوب الواردة من داخل البلاد تجيء إلى أرصفتها، كما كانت جميع تجارة سكوذيا والبحر الأسود تؤدي المكوس وهي مارة بها، ويكاد السمك لكثرته أن يقفز في الشباك وهو يجتاز مضيق البسفور. ولم يمضِ إلا قليل من الوقت حتى أدرك قسطنطين قيمة هذا الموقع العظيم وعرف أنه مفتاح العالم اليوناني - الروماني القديم.

وتخصصت تساليا الواقعة جنوب مقدونية في إنتاج القمح وتربية الجياد الجميلة. وقد وصف ديوكريسستم (١) جزيرة عوبية العظيمة التي أطلق عليها هذا الاسم (كما أطلق اسم يؤوشيا على الجزيرة المسماة بهذا الاسم) لما فيها من الماشية الحسنة الشكل، وصفها بأنها تعود إلى البربرية في القرن الثاني الميلادي. وقد تجمّعت في هذا الأقليم عدة عوامل كادت تمحو من الوجود الذين كانوا في يوم من الأيام شعباً زراعياً مطرد النماء والرخاء. وأهم هذه العوامل هي ما لاقاه الفقراء من عنت لتركز الأرض الزراعية والثروة في أيدي عدد قليل من الأسر، وما لاقاه الأغنياء من عنت لثقل الضرائب والفروض الدينية المطردة الزيادة، وقلّة النسل لأنانية الرجال وحبّهم الثراء أو لفقرهم المتقع. وكانت نتيجة