وتنظم شؤونه. وكان يقول أيضاً بوجود أرواح خبيثة، يسيطر عليها ويرأسها شيطان هو مصر الفوضى جميعها وروحها، وأصل كل الخبائث وجميع ما لا ينطبق على العقل في الطبيعة وفي بني الإنسان.
ويرى أفلوطرخس أن من الخير أن يؤمن الإنسان بخلود الأشخاص - بجنة ينعم فيها الأخيار، ومطهر، وجحيم يعذّب فيه الأشرار. وكان من أسباب سلواه أن الإقامة في المطهر قد تطهّر أي إنسان مهما خبُث حتى نيرون نفسه، وأنه قلما يوجد في الناس من يعذبون عذاباً سرمدياً (٧). وكان يندد بالخرافات ويرى أن أهولها شرٌ من الكفر نفسه، ولكنه يقبل العرافة والنبوءات واستحضار الأرواح ويؤمن بأن الأحلام تُنبئ عن المستقبل. ولم يكن يدعى أنه فيلسوف مبتدع، بل كان يقول عن نفسه، كما يقول أبوليوس وكثيرون غيره من فلاسفة ذلك العصر عن أنفسهم، إنه يأخذ آراءه عن أفلاطون ويوفّق بينها وبين زمانه. وكان يعيب على الأبيقوريين أنهم يستبدلون هول الفناء بالخوف من الجحيم، وينتقد عيوب الرواقية، ولكنه يرى ما يراه الرواقي من أن العمل بأوامر الله وإطاعة العقل شيء واحد (٨).
وقد عني المتأخرون بجمع محاضراته ومقالاته وأسموها الآداب (Moralia) لأن معظمها مواعظ بسيطة لطيفة تبين ما تنطوي عليه الحياة من حكمة. وهي تبحث في كل شيء، من الحث على استبقاء كبار السن في المناصب العامة إلى البحث في أيهما أسبق الكتكوت أو البيضة. وأفلوطرخس مغرم بمكتبته، ولكنه يقرّ بأن الصحة الجيدة خيرٌ من الكتب القيّمة:
"من الناس من يدفعهم الشره فيهرعون إلى الحانات يلتهمون ما فيها كأنهم يستعدون لحصار … إن أقل الأطعمة ثمناً هي على الدوام أكثرها نفعاً … ولما عجز أردشير ممنون في أثناء تقهقره السريع عن أن يجد ما يأكله غير خبز الشعير