للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأبناء" (٤٦). ومنها ما هو سهام موجّهة إلى صدور الأطباء، والنساء السليطات، ومجهّزي الموتى للدفن، ومعلّمي الأحداث، والديوثين، أو إلى صدر البخيل الذي أفاق من إغماءة لما شم رائحة فلس؛ أو النحوي الذي ظهر حفيدٌ له ذكراً ثم أنثى ثم شيئاً آخر هو ذكر وأنثى معاً (٤٧)؛ أو الملاكم المحترف الذي اعتزل حرفته، وتزوّج، فكالت له زوجته ضربات أكثر مما كانت تكال له في حلبة الملاكمة؛ أو القزم الذي اختطفته بعوضة فظنّ أنه يعاني الآلام من اختطاف جلميدي. وثمّة مقطوعة تشيد بمدح "المرأة الشهيرة التي لم تضاجع إلا رجلاً واحداً"؛ ومقطوعات أخرى تقدّم بها القرابين للأرباب: ففي واحدة منها تُعلق ليس Lais مرآتها بعد أن أصبحت عديمة النفع لأنها لا تظهرها بالصورة التي كانت عليها من قبل، وفي أخرى نرى نيسياس Nicias تسلّم راضية منطقتها إلى فينوس بعد أن قضت في خدمة الرجال خمسين عاماً. وتمجّد بعض المقطوعات أثر النبيذ في توسع الشرايين وتقول إن هذا أحكم من الحكمة؛ ومنها واحدة تمجّد الزاني الذي يجمع في وقت واحد بين إثنتين والذي دُفن تحت الأنقاض بين ذراعي عشيقته؛ ومنها مراثي وثنية تصف قصر الحياة؛ ومنها توكيدات مسيحية ليوم البعث السعيد. ومعظمها، بطبيعة الحال، يمتدح جمال النساء والغلمان، ويتغنّى بنشوة الحب الموجعة. وإنك لَتَجد هنا كل ما ورد في الأدب بعد ذلك العصر عن آلام العاشقين وتجده موجزاً كاملاً، فيه من الأفكار أكثر مما في الشعر الإنجليزي في عصر إليزابث. من ذلك أن مليجر يتخذ بعوضة قوادة له، ويحملها رسالته إلى السيدة التي كان يحبها في تلك الساعة. وها هو ذا فلوديمس Philodemus ابن بلدته، والفيلسوف الذي يسدي النصح لشيشرون، يغنّي لمحبوبته زنثو Xantho أغنية حزينة فيقول: