الأعداء، ويسير في شعاب الجبال الوعرة، ولا يخسر في حياته واقعة؛ وحد الدويلات المتحاربة المنتشرة في الوادي الأدنى، ونشر لواء السلام على ربوعها وأقام فيها منار الأمن والنظام بفضل كتاب قوانينه التاريخي العظيم.
وقد كُشف قانون حمورابي في أنقاض مدينة السوس في عام ١٩٠٢ م. ووجد هنا القانون منقوشاً نقشاً جميلاً على اسطوانة من حجر الديوريت نقلت من بابل إلى عيلام (حوالي عام ١١٠٠ ق. م) فيما نقل من مغانم الحرب (١)، وقيل عن هذه الشرائع أنها منزلة من السماء. فترى الملك على أحد أوجه الأسطوانة يتلقى القوانين من شمش إله الشمس نفسه. وتقول مقدمة القوانين:
ولما أن عهد أنو الأعلى ملك الأنونا كي وبِلْ رب السماء والأرض الذي يقرر مصير العالم، لما أن عهد حكم بني الإنسان كلهم إلى مردوك؛ … ولما أن نطقا باسم بابل الأعلى، وأذاعا شهرتها في جميع أنحاء العالم، وأقاما في وسطه مملكة خالدة أبد الدهر قواعدها ثابتة ثبات السماء والأرض - وفي ذلك الوقت ناداني أنو وبِل، أنا حمورابي الأمير الأعلى، عابد الآلهة، لكي أنشر العدالة في العالم، وأقضي على الأشرار والآثمين؛ وأمنع الأقوياء أن يظلموا الضعفاء … وأنشر النور في الأرض وأرعى مصالح الخلق. أنا حمورابي، أنا الذي اختاره ِبل حاكماً، والذي جاء بالخير والوفرة، والذي أتم كل شيء لنبور ودُريلو، … والذي وهب الحياة لمدينة أرك؛ والذي أمد سكانها بالماء الكثير؛ … والذي جمل مدينة بارسيا؛ … والذي خزن الحب لأوراش العظيم؛ … والذي أعان شعبه في وقت المحنة، وأمن الناس على أملاكهم في بابل؛ حاكم الشعب، الخادم الذي تسر أعماله أنونيت (٤).
إن الألفاظ التي أكدناها نحن في هذه العبارة لذات نغمة حديثة؛ وإن المرء ليتردد قبل أن يصدق أن قائلها حاكم شرقي "مستبد" عاش في عام ٢١٠٠