صوفياً بالله؛ وعرف الله بأنه القوة الحيوية للعالم. وقد عدّه شيشرون أعظم الفلاسفة الرواقيين وكان في هذا مبالغاً في كرمه، وفي وسعنا نحن أن نعده من رواد الأفلاطونية الجديدة، وأن نرى فيه قنطرة انتقال من زيتون الى أفلوطينس.
وإذا سار المسافر محاذياً ساحل آسية وميمماً شطر الشمال من كاريا دخل ليديا وأقبل على إفسوس أعظم مدائنها. وقد ازدهرت في أيام الرومان كما لم تزدهر من قبل. ومع أن برجموم كانت العاصمة الرسمية لولاية "آسية" الرومانية فإن إفسوس أضحت مقر الحاكم الروماني والموظفين التابعين له؛ هذا إلى أنها كانت أهم ثغور الولاية، ومكان اجتماع جمعيتها الوطنية. وكان سكانها خليطاً من أجناس مختلفة، بلغ عددهم ٢٢٥. ٠٠٠ ويختلفون من السفسطائيين الخيرين المحبين للإنسانية إلى الغوغاء الصخّابين المخرفين. وكانت شوارع المدينة حسنة الرصف والإضاءة. وكانت لها بواك مظللة تمتدّ أميالاً عدة. وكان فيها كثير من المباني العامة التي توجد في غيرها من المُدن، وقد كشف بعضها من تاريخ قريب لا يبعد عن عام ١٨٩٤: ومن هذه المباني "متحف" أو مركز علمي، ومدرسة طب، ودار كتب ذات واجهة عجيبة مسرفة في النقش والزينة، وملهى يتّسع لستة وخمسين ألف من النظارة. وهنا أثار دمتريوس صانع التماثيل العامة على القدّيس بولص بعد هذا العهد. وكان يحيط به ١٢٨ عموداً كل واحد منها مُهدى من أحد الملوك. وكان يقوم على خدمة كهنته الخصيان قسّيسات عذارى وحشد من الأرقاء، وكانت طقوسهم مزيجاً من طقوس الشرقية اليونانية. وكان للتمثال البربري الذي يمثّل هذه الإلهة صفّان من الأثداء الكثيرة العدد ترمز إلى الخصوبة. وكان الاحتفال بعيد أرتميس يجعل أيام مايو كلها أيام بهجة، ومرح، وحفلات، وألعاب.
وكان جو أزمير أطيب من جو غيرها من البلدان رغم كثرة من كان فيها