(٧٨ - ٦٩ ق. م) عكست هذا الاتجاه، وعقدت الصلح مع الفريسيين، لكن ولداها هركانس الثاني، وأرستبولس الثاني أخذا يتنازعان العرش قبل موتها، وعرضت الطائفتان أمرهما على بمبي، وكان وقتئذ واقفاً على رأس فيالقه المنتصرة في دمشق (٦٣ ق. م)، فلما انتصر بمبي لهركانس تحصّن أرستبولس وجيشه في بيت المقدس، فحاصر بمبي تلك العاصمة، واستولى على أجزائها السفلى؛ ولكن أتباع أرستبولس إحتموا بأفنية الهيكل المسورة، وظلوا يقاومون بمبي ثلاثة أشهر. ويقول المؤرخون إن تقواهم أعانت بمبي على هزيمتهم، فقد شاهد أنهم لا يحاربون في يوم سبتهم، فأمر رجاله بأن يُعدوا في كل سبت الربا والكباش الهدّامة التي سيستخدمها في اليوم التالي، ولم يكونوا يلقون مقاومة من اليهود في ذلك الاستعداد، بل كان الكهنة يقضون يومهم في الهيكل يبتهلون ويُقربون القرابين كعادتهم في كل الأوقات. فلما أن تهدّمت الأسوار ذبح من اليهود اثني عشر ألفاً، ولم يقاوم منهم إلا عدد قليل، ولم ينجُ منهم أحد، وقفز الكثيرون من فوق الأسوار فلاقوا حتفهم (٦). وأمر بمبي رجاله بألا يمسّوا ما في الهيكل من كنوز، ولكنه فرض على الأمّة اليهودية غرامة قدرها عشرة آلاف وزنة (٣. ٦٠٠. ٠٠٠ ريال أمريكي)، ونقلت المُدن التي كان الهسمونيون قد فتحوها من حكم اليهود إلى حكم الرومان، ونصب سركانس الثاني حاخاماً أعظم، وحاكماً بالاسم على بلاد اليهود ولكنه كان في حراسة أنتباتر الإيدوميني الذي أعان روما في هذه الحرب. وهكذا قضى على المملكة المستقلة وأصبحت بلاد اليهود جزءاً من ولاية سوريا الرومانية.
وبينما كان كراسس في طريقه إلى طشقونة في عام ٥٤ ق. م- وهي الحملة التي قُطع فيها رأسه وجيء به ليمثل في بلاط ملك البارثيين دور بنيثوس في مسرحية الباخيين- نهب ما أبقى عليه بمبي من كنوز الهيكل، وكان يبلغ مقدارها عشرة آلاف وزنة. ولما أن جاء البشير بأن كراسس هُزم وقُتل