والآداب، والفنون اليونانية. وقد أحاط نفسه بالعلماء اليونان، وعهد إليهم الإشراف على الشؤون العليا في الدولة، وعيّن نقولاس الدمشقي، وهو رجل يوناني، مستشاره ومؤرّخه الرسمي. وقد أنشأ في أورشليم داراً فخمة للتمثيل ومدرجاً زينهما بتماثيل لأغسطس وغيره من الوثنيين، وأنفق في ذلك أموالاً طائلة، وأدخل في بلاده الألعاب الرياضية والمباريات الموسيقية اليونانية، وصراع المجتلدين الروماني (١٠)، وجمّل أورشليم بمبانٍ أخرى على طراز معماري بدا للشعب أنه طراز أجنبي، وأقام في الأماكن العامة تماثيل يونانية أثارت دهشة اليهود وغضبهم بعريها كما أثار غضبهم عري المصارعين في الألعاب الرياضية. وقد شاد لنفسه قصراً أقامه بلا ريب على الطراز اليوناني وملأه بالذهب والرخام والأثاث الفخم الثمين، وأحاطه بحدائق واسعة محتذياً في ذلك حذو أصدقائه الرومان. وقد صدم مشاعر الشعب بقوله إن الهيكل الذي شاده زرب بابل منذ خمسة قرون كان ضيقاً، وإنه يعتزم أن يهدمه ويقيم في مكانه هيكلاً أوسع منه. ولم يبالِ باحتجاج الأهلين ومخاوفهم، وحقق رغبته بأن أقام المعبد الفخم الذي دمّره تيتس فيما بعد.
وقد سوى على جبل موريا أرضاً تقرب مساحتها من سبعمائة وخمسين قدماً مربعة، وأقام على أطرافها أروقة ذات سقف من خشب الأرز "ذات نقوش عجيبة" تعتمد على صفوف متعددة من العُمَد الكورنثية، كل عمود من كتلة واحدة من الحجر تبلغ من الضخامة حداً يصعب منعه على ثلاثة رجال أن يطوقوها بأذرعهم. وكان في هذا البهو الرئيسي مظلات للصرافين، الذين يُبدلون نقود الأجانب بالنقود التي تُقبل في الهيكل. وكان فيها أيضاً المرابط التي يستطيع الإنسان أن يشتري منها ما يريد أن يقرّبه من الحيوانات، والغرف أو الأروقة التي يجتمع فيها الطلاب لتعلّم اللغة العبرية والشريعة، والمتسولون الصاخبون الذين لا مفر من وجودهم في كل مكان. ومن هذا "الهيكل الخارجي" يصعد بمجموعة من الدرج إلى فضاء داخلي مسوّر يحرم على غير اليهود أن يدخلوه. وكان