في تحريم الصور المنحوتة، والذي كان يرمز عند مدخل الهيكل لروما عدوة اليهودية وسيدتها. وكاد اليهود العائدون إلى مدائن فلسطين ينقلون أنباء العمائر اليونانية الخالصة التي كان هيرود يحدد بها تلك المدائن، وكيف ينفق أموال الأمة والذهب (كما تقول الشائعات) الذي كان مخبوءاً في قبر داود (١٣) في إنشاء مرفأ عظيم عند قيصرية، وفي إهدائه بسخاء للمُدن الأجنبية أمثال دمشق، وببلوس، وبيروت، وصور، وصيدا، وإنطاكية، ورودس، وبرجموم، وإسبارطة، وأثينة. واتضح لهم أن هيرود يريد أن يكون معبود العالم اليوناني لا ملك فحسب، ولكن اليهود كانوا يعيشون بدينهم، وبإيمانهم بأن يهوه سينقذهم من الرق والظلم في يوم من الأيام؛ ومن أجل هذا كان انتصار الروح الهلنية على الروح العبرانية في شخص حاكمهم نذيراً لهم بكارثة مدلهمة لا تقل عما حل بهم من الاضطهاد على يد أنتيخس. ولذلك أخذوا يحيكون المؤامرات لقتل هيرود، وكشف هو هذه المؤامرات وقبض على المشتركين فيها وعذّبهم وقتلهم، ولم يكتفِ بقتلهم وحدهم بل قتل أسرهم كلها في بعض الأحيان (١٤). وأطلق عيونه بين الشعب وتخفى ليتجسس بنفسه على رعاياه، وكان يعاقبهم على كل كلمة تشتم منها رائحة العداة له (١٥).
واستطاع أن يرد كيد أعدائه في نحورهم عدا كيد أزواجه وأبنائه. وكان له من الأزواج عشرة اجتمعت منهن تسع في وقت واحد، أما الأبناء فكان له منهم أربعون. وكانت مريمنى Mariamne زوجته الثانية حفيدة هركانس الثاني وأخت أرستبولس اللذين قتلهما هيرود. ويصفها يوسفوس بأنها امرأة عفيفة، ولكنها فظة بعض الفظاظة بغريزتها، تعامل زوجها بغطرسة وكبرياء لأنها رأته مغرماً بها غراماً يخضعه لها كأنه مُلكَ يمينها … وكانت فضلاً عن فظاظتها تشهّر بأمه وأخته علناً، لأنهما من أصلٍ حقير. وتستطيل في عرضهما إلى حد "امتلأت معه القلوب" في بيت الملك "بغضاً وحقداً". واستطاعت أخت