للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشهوات. وقد جاء في سفر الحكمة أن المنافقين قالوا في أنفسهم مفتكرين إفتكاراً غير مستقيم:

"إن عمرنا هو يسير ومحزن، ووفاة الإنسان ليس شفاء، ولم يعرف قط المحلول من الجحيم، لأننا ولدنا من لا شيء، وبعد هذه نكون كأننا لم نكن لأن النسمة دخان في أنوفنا، والنطق شرارة في تحريك قلوبنا، وإذا أطفأت يصير الجسم رماداً والروح ينسكب كالهواء المبثوث. واسمنا سينسى في الزمان، ولا يذكر أحد أعمالنا، ويزول عمرنا كزوال أثر الغمام، ويضمحل كالضباب الذي بدده شعاع الشمس وتثقله حرارتها، لأن عمرنا ظل عابر وليس لأجلنا إبطاء لأنه أمر محتوم ولن يردّه أحد. فهلمّ إذا نتمتع بالخيرات الموجودة، ونستعمل الملذات في البرية ما دام زمان الشبوبية، فنمتلئ من الخمر الفائقة والطيوب، ولا يفوتنا نسيم زهر الربيع. نتكلل بفقاح الورد قبل ذبوله، ولا يكون مرج إلا يجوز عليه تنعمنا" (٣٩).

ويقول صاحب هذا السفر إن ثلاثة من الأبيقوريين يدلون بحجج باطلة. وإنهم يربطون عربتهم بنجم ساقط لأن اللذة شيء باطل زائل:

"لأن رجاء المنافق كغبار تحمله الرياح، وكرغوة رقيقة تقدها الزوبعة، وكدخان ينحل في الرياح، وكذكر ضيف مكث يوماً واحداً وإرتحل. أما الصدوقيون فيحيون إلى الدهر، وعند الرب ثوابهم، وعند العلى اهتمامهم. فلهذا يتقلّدون مملكة البهاء وتاج الكمال من يد الرب" (٤٠).

وسيقضىعلى هذا الشر والإثم - كما تقول أسفار الرؤيا- إما بتدخل الله نفسه، أو بإرساله إلى الأرض ابنه أو ممثله المسيح (١). أولم يُنبئ به النبي إشعيا


(١) وقد وردت كلمة مسيح (وهي بالعبرية محسيح) في كثير من المواضع من العهد القديم. وترجمها اليهود الذين كتبوا الترجمة اليونانية السبعينية للتوراة (حوالي ٢٨ ق. م) باللفظ اليوناني Christos أي الذي صب عليه الزيت المقدس أو مُسِحَ به.