قبل ذلك العهد بمائة عام إذ يقول:"لأنه يولد لنا ولد ونُعطى ابناً وتكون الرياسة على كتفه، ويُدعى اسمه عجيباً مشيراً، إلهاً قديراً، أباً أبدياً، رئيس السلام"(٤١).
وكان كثيرون من اليهود يتفقون مع إشعيا (١١: ١) فيما وُصِف به المسيح بأنه ملك دنيوي يولد من بيت داود الملكي؛ ومنهم من يسمونه بإسم إبن الإنسان كأخنوخ ودانيال، وصوروه بأنه سينزل من السماء. أما الفيلسوف صاحب سفر الأمثال والشاعر صاحب حكمة سليمان (٤٢) فلعلهما قد تأثرا بأفكار أفلاطون أو بروح الأرض التي يقول بها الرواقيون فتصوروه الحكمة مجسدة التي هي أول شيء "قناها الرب"، وهي الكلمة أو العقل (Logos) التي لن تلبث أن يكون لها شأن عظيم في فلسفة أفلاطون، ويكاد مؤلفو سفر الرؤيا كلهم يجمعون على أن المسيح سينتصر انتصاراً سريعاً، ولكن إشعيا تصوره في فقرة من أروع فقراته بأنه: محتقَرٌ ومخذول من الناس، رجل أوجاع ومختبر الحزن … لكن أحزاننا حملها وأوجاعنا تحمّلها … وهو مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا … وبجبره شفينا … والرب وضع عليه إثم جميعنا … من الضغطة ومن الدينونة أخذ وفي جيله من كان يظن أنه قطع من أرض الأحياء … وهو حملَ خطيئة كثيرين وشفع في المذنبين" (٤٣).
بيد أنهم جميعاً متفقون على أن المسيح سيُخضِعْ الكفار في آخر الأمر، ويحرر إسرائيل (٤٤) ويتخذ أورشليم عاصمة له، ويضم إليه الناس جميعاً ليؤمنوا بيهوه والشريعة الموسوية (٤٥). ويسود بعد ذلك "عصر طيب" تسعد به الدنيا بأجمعها فتكون الأرض كلها خصبة، وتحمل كل حبة قدر ما كانت تحمله ألف مرة، ويصير الخمر موفوراً، ويزول الفقر، ويصبح الناس كلهم أصحاء، مستمسكين بالفضيلة، وتسود العدالة والصداقة والسلام في الأرض (٤٦).
وكان بعض الناس يظنون أن هذا العهد الصالح ستتخلله عهود غير صالحة