للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلى سرير مزخرف تنام عليه كل ليلة إحدى النساء في انتظار مشيئة الإله (٢٢). وأكبر الظن أن هذا الصرح الشامخ الذي كان أعلى من أهرام مصر، وأعلى من جميع مباني العالم في كل العصور إلا أحدثها عهداً، هو "برج بابل" الذي ورد ذكره في القصص العبري، والذي أراد به أهل الأرض ممن لا يعرفون يهوه أن يظهروا به كبرياءهم، فبلبل رب الجيوش ألسنتهم (١). وكان في أسفل الصرح هيكل عظيم لمردُك رب بابل وحاميها. ومن أسفل هذا المعبد تمتد المدينة نفسها من حوله يخترقها عدد قليل من الطرق الواسعة النيرة، وكثير من القنوات والشوارع الضيقة الملتوية التي كانت بلا ريب تعج بالأسواق والحركة التجارية وبالغادين والرائحين. وكان يمتد بين الهياكل القائمة في المدينة طريق واسع مرصوف بالآجر المغطى بالأسفلت يعلوه بلاط من حجر الجير ومجمعات من الحجارة الحمراء تستطيع الآلهة أن تسير فيه دون أن تتلوث أقدامها. وكان على جانبي هذا الطريق الواسع جدران من القرميد الملوّن تبرز منها تماثيل لمائة وعشرين أسداً مطلية بالألوان الزاهية تزمجر لترهب الكفرة فلا يقتربوا من هذا الطريق. وكان في أحد طرفيه مدخل فخم هو باب إستير، ذو فتحتين من القرميد الزاهي المتألق، وتزينه نقوش تمثل أزهارا وحيوانات جميلة الشكل زاهية اللون، يخيل إلى الناظر أنها تسري فيها الحياة (٢).

وكان على بعد ستمائة ياردة من برج بابل وإلى شماله ربوة تسمى القصر شاد عليها نبوخد نصر أروع بيت من بيوته. ويقوم في وسط هذا البناء مسكنه الرئيسي ذو الجدران الجميلة المشيدة من الآجر الأصفر، والأرض المفروشة بالخرسان الأبيض والمبرقش، تزين سطوحها نقوش بارزة واضحة زرقاء


(١) ليس لفظ بابل مشتقا من البلبلة أو الاضطراب كما تقول بعض الأساطير بل معناه كما في "بابلون" باب الإله.
(٢) في متحف الفن الأسيوي في برلين نموذج لباب إستير بحجمه الطبيعي.