اللون، مصقولة براقة، وتحرس مدخله آساد ضخمة من حجر البازلت. وكان بالقرب من هذه الربوة حدائق بابل المعلقة الذائعة الصيت التي كان يعدها اليونان إحدى عجائب العالم السبع، مقامة على أساطين مستديرة متتالية كل طبقة منها فوق طبقة. وكان سبب إنشائها أن نبوخد نصر تزوج بابنة سياخر (سيكسارس) ملك الميديين، ولم تكن هذه الأميرة قد اعتادت على شمس بابل الحارة وثراها، فعاودها الحنين إلى خضرة بلادها الجبلية، ودفعت الشهامة والمروءة نبوخد نصر فأنشأ لها هذه الحدائق العجيبة، وغطى سطحها الأعلى بطبقة من الغرين الخصيب يبلغ سمكها جملة أقدام، لا تتسع للأزهار والنباتات المختلفة ولا تسمح بتغذيتها فحسب، بل تتسع أيضاً لأكبر الأشجار وأطولها جذوراً وتكفي تربتها لغذائها. وكانت المياه ترفع من نهر الفرات إلى أعلى طبقة في الحديقة بآلات مائية مخبأة في الأساطين تتناوب إدارتها طوائف من الرقيق (٢٤). وفوق هذا السطح الأعلى الذي يرتفع عن الأرض خمساً وسبعين قدماً كان نساء القصر يمشين غير محجبات آمنات من أعين السوقة، تحيط بهن النباتات الغريبة والأزهار العطرة، ومن تحتهن في السهول وفي الشوارع كان السوقة من رجال ونساء يحرثون وينسجون، ويبنون، ويحملون الأثقال، ويلدون أبناء وبنات يخلفونهم في عملهم بعدم موتهم.