عيسى أن يهدئ من هذه المطامع وعدهم بأنهم سيجلسون في يوم الحساب على اثني عشر كرسياً يدينون أسباط إسرائيل الاثني عشر (٦٢). ولما أن سجن المعمدان انضم أندرو أحد أتباعه إلى عيسى وجاء معه بأخيه سيمون الذي سماه المسيح باسم كفاس، أي "الصخرة". وترجم اليونان اسمه إلى بطرس، وبطرس هذا شخصية بشرية لحماً ودماً، فهو متهور، جاد، كريم، غيور، هياب يصل به الوجل في بعض الأحيان إلى حد الجبن الذي لا يسع الإنسان إلا أن يعفو عنه. وقد كان هو وأندرو يصيدان السمك في بحيرة الجليل، وكذلك كان ولدا زبدي Zebedee يعقوب ويوحنا. وانتقل هؤلاء الأربعة بأعمالهم وأسرهم وأصبحوا دائرة ضيقة حول المسيح. وكان متّى جابياً في مجينة كبرنوم القائمة على الحدود؛ أي أنه كان يقوم بعمل للدولة، وإذن فقد كان في منصبه هذا يخدم رومة، لهذا كان مكروهاً من كل يهودي يتوق إلى الحرية. وكان يهوذا الكريوثي وحده دون سائر الرسل الذي لم يأتِ من الجليل. وجمع الاثني عشر كلهم جميع ما يملكون وعهدوا إلى يهوذا أن يتولاها نائباً عنهم. وكانوا في طوافهم مع المسيح في رحلاته التبشيرية يعيشون على ما يقدمه لهم القرويون، ويأخذون طعامهم آناً بعد آن مما يمرون به من الحقول، ويقبلون ضيافة أصدقائه ومَن يهتدون بهديهم. وقد أضاف عيسى إلى الاثني عشر اثنين وسبعين من الأتباع، وبعث بأثنين منهم إلى كل بلدة يريد أن يزورها، وقال لهم "لا تحملوا كيساً، ولا مزوداً، ولا أحذية"(٦٣). وانضمت بعض النساء الصالحات الرحيمات إلى أولئك الرسل والاتباع وقدمن لهم المعونة، وأدين لهم تلك الأعمال المنزلية التي لا غنى عنها، والتي هي أعظم سلوى لحياة الرجال. وعلى يد هذه الجماعة الصغيرة الوضيعة غير المتعلمة أرسل المسيح إنجيله إلى العالم.