الرحماء ذوي النفوذ أن يحصلا على إذن من بيلاطس بإنزال جثة المسيح عن الصليب فأنزلاها وحفظاها بالند والمُر ووارياها التراب.
ترى هل مات حقاً؟ لقد كان اللصان اللذان إلى جانبه لا يزالان على قيد الحياة، ولقد كسر الجنود ساقهما حتى تتحمل أيديهما ثقل جسمهما، فيؤثر ذلك في حركة الدم ويقف القلب بعد قليل. غير أن هذا لم يحدث في حالة عيسى، وإن كان قد قيل إن جندياً طعنه في قلبه بحربة، فانبثق الدم من الجرح أولاً ثم خرج بعده مصل الدم. وأبدى بيلاطس دهشته من أن يموت رجل بعد ست ساعات من صلبه؛ ولم يوافق على أن يُرفع جسد المسيح عن الصليب إلا بعد أن أكد له قائد المائة المكلف به أنه قد مات.
وبعد يومين من هذا الحادث زارت مريم المجدلية - وكان حبها ليسوع تمتزج به تلك النشوة العصبية التي تمتاز بها عواطفها كلها - قبر المسيح مع مريم أم يعقوب وسالومة فوجدته فارغاً. فامتلأت قلوبهن خوفاً وسروراً معاً، وجرين لينقلن ذلك النبأ إلى تلاميذه. وإلتقين في الطريق برجل حسبنه يسوع "فإنحنين احتراماً له، وأمسكن بقدميه. وفي وسعنا أن نتصور الأمل الذي انبعث في النفوس الساذجة من هذا النبأ وما لقيه من ترحيب؛ لقد قهر يسوع الموت وأثبت أنه هو المسيح المنتظر ابن الله، وملأ ذلك النبأ قلوب "أهل الجليل" بنشوة جعلتهم على استعداد لأن يصدقوا أية معجزة وأي وحي. ويرى الرواة أن المسيح ظهر في ذلك اليوم نفسه إلى تلميذين من تلاميذه في الطريق الموصل إلى عمواس، وتحدث إليهم، وأكل معهم، ولكن "أُمسكَت أعينهما عن معرفته" ثم "أخذ خبزاً وبارك وكسر، فانفتحت أعينهما وعرفاه ثم اختفى عنهما" (١٤٢). ورجع التلاميذ إلى الجليل فلما "رأوه" بعد قليل "سجدوا له، ولكن بعضهم شكّوا" (١٤٣). وبينما كانوا يصطادون السمك