للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المسيحيين بالخيانة وخور العزيمة، ورحّب المسيحيون بتدمير الهيكل على يد تيطس تحقيقاً لنبوءة المسيح، واتقدت نار الحقد في قلوب أتباع كلا الدينين، وأملت عليهم بعض ما كتبوا من أعظم آدابهم تقى وصلاحاً.

وأخذت المسيحية اليهودية من ذلك الوقت يقل عدد أتباعها وتضعف قوتها وتترك الدين الجديد للعقلية اليونانية تشكله وتصبغه بصبغتها. وأصمت الجليل، التي قضى فيها المسيح كل حياته تقريباً، والتي عفت منها ذكرى المجدلية وغيرها من النساء اللاتي كن من بين أتباعه الأولين، أصمت أذنها عن سماع الوعّاظ الذين جاءوها يدعون أهلها للدخول في دين الناصري ابن الله. ذلك أن اليهود المتعطشين إلى الحرية، والذين كانوا يذكرون كل يوم في صلواتهم أن "الله واحد" لم يستسيغوا فكرة "المسيح" المنتظر الذي لا يأبه بكفاحهم في سبيل الاستقلال، ورأوا أن من العار أن يُقال إن إلهاً قد وُلدَ في كهف أو إسطبل في إحدى قراهم. وظلت المسيحية اليهودية قائمة مدى خمسة قرون بين طائفة قليلة من المسيحيين السريان المسمين بالابيونيم "الفقراء" الذين كانوا يجمعون بين التقشف المسيحي والناموس اليهودي الكامل؛ فلما كان آخر القرن الثاني الميلادي حكمت عليهم الكنيسة المسيحية بالكفر وأخرجتهم من حظيرتها.

وكان الرسل والتلاميذ في هذه الأثناء قد نشروا الإنجيل بين اليهود المشتتين (١٤) بنوع خاص وهم المنتشرون فيما بين دمشق وروما. فهدا فليب عدداً من أهل السامرة وقيصرية، وأوجد يوحنا جالية مسيحية قوية في إفسوس وأخذ بطرس يعض في مُدن سوريا. وفعل بطرس ما كان يفعله معظم الرسل فإصطحب معه في أثناء تجواله "أختاً" لتكون بمثابة زوجة له ومعينة (١٥). وبلغ نجاحه في شفاء المرضى حداً أغرى ساحراً يدعى سمعان المجوسي أن يعرض عليه مالاً ليشركه معه في قواه العجيبة. ففي يافا أقام تابيثا وكان يبدو أنها قد