خمسة أيام من ذلك الوقت وقالوا إنهم وجدوا بولس "مفسداً مهيج فتنة بين جميع اليهود الذين في المسكونة" وأقر بولس أنه يدعو إلى دين جديد، وأضاف إلى ذلك قوله إنه يؤمن "بكل ما هو مكتوب في الناموس". فما كان من فيلكس إلا أن طرد الشاكين، ولكنه مع ذلك أبقى بولس تحت الحراسة ومنع أحداً من أصحابه أن يأتي إليه. وبقي بولس على هذه الحال عامين كاملين (٥٨ - ٦٠)، ولعل فيلكس كان يرجو أن يحصل على رشوة طيبة.
ولما عُيّن فستوس والياً بعد فيلكس عرض أن يحاكم بولس أمامه في دمشق، ولكن بولس خشى هذا الجو المهتاج فلجأ إلى ما له من حق بوصفه مواطناً رومانياً، وطلب أن يحاكم أمام الإمبراطور نفسه. وبينما كان الملك أغرباس (أجربا) ماراً بقيصرية أذن له بالمثول بين يديه مرة أخرى وحكم عليه بأن علمه الكثير قد جعله يهذي ولكنه فيما عدا هذا بريء. وقال أغرباس إنه "كان يمكن أن يطلق هذا الإنسان لو لم يكن قد رفع دعواه إلى قيصر". وأركب بولس سفينة تجارية سافرت به على مهل، وقضت في البحر زمناً طويلاً صادفتها في أثنائه عاصفة شتوية قبل أن تصل إلى إيطاليا. ويقال إن العاصفة دامت أربعة عشر يوماً ضرب فيها بولس البحارة والمسافرين مثلاً طيباً مشجعاً للرجل الذي يسمو على الموت، الواثق من النجاة. وتحطمت السفينة على صخور مالطة، ولكن من عليها نجوا بالسباحة إلى الشاطئ. وبعد ثلاثة أشهر من هذه الحادثة وصل بولس إلى إيطاليا. وعامله ولاة الأمور الرومان برفق، وانتظروا حتى يأتي الشاكون من فلسطين، وحتى يجد نيرون متسعاً من الوقت يستمع فيه إلى قضيته. وسمح له أن يعيش في بيت يختاره هو لنفسه؛ وأن يوكل جندي لحراسته. ولم يكن في مقدوره أن يتنقل في المدينة بكامل حريته؛ ولكن كان يستطيع استقبال كل مَن يشاء. ولهذا دعا زعماء اليهود في روما أن يوافوه في المنزل الذي يقيم فيه؛ فجاءوا