للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تسالونيكي لامهم لأنهم يهملون شئون العالم انتظاراً لقرب مجيء المسيح، وقال إنه "لا يأتي إن لن يأتِ الارتداد أولاً ويُستعلن إنسان الخطيئة (الشيطان) مظهراً نفسه أنه إله" (٦٩).

ويبدو لنا من رسائله الأخيرة أنه حاول في أثناء سجنه أنه يوفق بين عقيدته الأولى وبين تأخر مجيء المسيح للمرة الثانية، وأخذ يضع عمله في أن يراه بعد أن يموت، وجعل سلواه ذلك التوفيق العظيم بين العقيدتين الذي أنجى المسيحية - "وهو استبدال الأمل في الاتحاد بالمسيح في السماء بعد الموت بالعقيدة الأولى عقيدة عودة المسيح إلى هذه الأرض". ويبدو أنه حوكم مرة أخرى وأُدين؛ وأن الحاكم السياسي وقف مع الرسول الديني وجهاً لوجه، وتغلب أولهما على الثاني. ولسنا نعرف حقيقة التهمة التي وجهت إليه، وأكبر الظن أنه اتهم في هذه المرة بما اتهم به هو وزملاؤه في تسالونيكي وهو أنهم "يعملون ضد أحكام قيصر قائلين إنه يوجد ملك آخر يسوع" (٧٠). وكانت هذه جريمة كبرى يعاقب عليها بالإعدام. وليس لدينا سجل قديم لهذه المحاكمة، ولكن ترتليان - وقد كتب بعد مائتي عام من وقوعها - يقول إن "بولس استشهد في روما في عهد نيرون" (٧١). ونرجح أنه وهو مواطن روماني قد كُرّم بأن قُتل بمفرده، فلم يختلط بالمسيحيين الذي صلبوا بعد حريق عام ٦٤.

وتقول إحدى الروايات إنه هو وبطرس استشهدا في وقت واحد وإن كان كلاهما قد استشهد منفرداً؛ وتصور إحدى القصص المؤثرة هذين الرجلين المتنافسين يرتبطان برباط الصداقة حين يلتقيان في طريقهما إلى الموت. وقد شيد له في القرن الثالث ضريح في موضع على طريق أستيا Ostia يعتقد رجال الدين أن بولس أسلمَ فيهِ الروح. وجدد هذا الضريح أكثر من مرة بعد ذلك الوقت، وكان كلما جدد يزداد رونقاً وفخامة حتى اصبح الآن هو الباسلقا الشهيرة المعروفة باسم "القدّيس بولس وراء الجدران San Paols Fuore le Mura.