مما خلعته عليها الوثنية، إلا حينما كانت تعمل على استرضاء الآلهة السفلى لدفع أذاها. وانتقل إلى يوم الأحد المسيحي ما كان يراعى في السبت اليهودي من جد ووقار حين حل أولهما محل الثاني في القرن الثاني بعد الميلاد.
فقد كان المسيحيون يجتمعون في ذلك اليوم المعروف عندهم بيوم الرب، ليقيموا قداسهم الأسبوعي. فكان قساوستهم يتلون عليهم نُبَذاً من الكتاب المقدس، ويؤمونهم في الصلاة، ويلقون عليهم مواعظ في العقائد، والتعاليم الأخلاقية، والجدل الطائفي. وكان يسمح لأفراد الجماعة وخاصة النساء، في الأيام الأولى أن "ينطقوا" في أثناء الغيبوبة أو النشوة بألفاظ لا يستطيع أن يشرح معناها إلا المفسرون الصالحون؛ ولما أن أدت هذه الأعمال إلى كثير من التهيج والفوضى في شئون الدين، عمدت الكنيسة إلى عدم تشجيعها ثم منعتها آخر الأمر منعاً باتاً ووجد القساوسة أنفسهم مضطرين عند كل خطوة إلى كبح جماح الخرافات لا إلى خلقها.
وقبل أن يُختتم القرن الثاني كانت هذه الحفلات الأسبوعية قد اتخذت شكل القداس المسيحي. وأخذ هذا القداس ينمو نمواً بطيئاً بالاعتماد على صلاة الهيكل اليهودية، وعلى الطقوس اليونانية الخاصة بالتطهير، والتضحية البديلة، والاشتراك عن طريق العشاء الرباني في قوى الإله القاهرة للموت، حتى صار في آخر الأمر كومة من الصلوات، والمزامير، والقراءات، والمواعظ، والترتيلات، وما هو أهم من هذا كله وهو التضحية الرمزية بحمل الله للتكفير عن الخطايا، وهي التضحية التي حلّت في المسيحية محل القرابين الدموية في الأديان القديمة. واستحال الخبز والخمر اللذان كانا يُعدّان في الطقوس القديمة هدايا توضع على المذبح أمام الإله بفضل تدشين القساوسة له إلى جسم المسيح ودمه، وأصبحا يقدّما لله بوصفهما تكراراً بتضحية يسوع بنفسه على خشبة الصليب. ويلي هذا موكب مؤثر رهيب يشترك فيه العابدون في حياة منقذهم ومادته نفسيهما.