للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إنه سيعود في خلال ألف عام (٣٦)، وقال أشد هؤلاء حذراً إن عودته ستكون حين ينقرض "جيل" اليهود أو شعبهم عن آخره، أو حين لا يبقى أحد من غير اليهود لم يصل إليه الإنجيل؛ أو كما يقول إنجيل يوحنا: إنه سيرسل بدلاً منه الروح القدس أو المقرِّى (١)؛ ثم نقل الملكوت آخر الأمر من الأرض إلى السماء، ومن حياة الناس في هذه الدنيا إلى الجنة في الدار الآخرة. بل إن الاعتقاد بعودة المسيح بعد ألف عام أصبح لا يلقى تشجيعاً من الكنيسة، وانتهى الأمر بأن صارت تقاومه وتحكم على القائلين به بالزيغ والضلال.

وملاك القول أن الاعتقاد بعودة المسيح الثانية هي التي أقامت صرح المسيحية، وأن الأمل في الدار الآخرة هو الذي أبقى عليها (٢).

وإذا عضضنا النظر عن هذه العقائد رأينا أن أتباع المسيح قد انقسموا في الثلاثة القرون الأولى من ظهوره إلى مائة عقيدة وعقيدة. ولو أننا عمدنا إلى ذكر العقائد الدينية المختلفة التي حاولت أن تستحوذ على الكنيسة الناشئة ثم عجزت من الوصول إلى غرضها، والتي اضطرت الكنيسة إلى أن تصمها واحدة بعد واحدة بأنها كفر وسعي إلى الانشقاق والتفريق، لو أننا فعلنا هذا لكان ذلك جهلاً منا بالغرض من كتابة التاريخ.


(١) إنجيل متّى ١٤: ١٦: ٢٦. (المترجم)
(٢) يفسر آلاف من المسيحيين، ومنهم كثيرون من العاملين بها، اضطرابات هذه الأيام بأنها النذر المنبئة بقرب عودة المسيح. ولا يزال ملايين من المسيحيين وغير المسيحيين، والملحدين يعتقدون بأن ستكون على الأرض جنة تختفي منها الحروب والشرور. ويمكن تشبيه عقدتي النعيم في الدار الآخرة وجنة الدنيا بدلوين يتبادلان النزول في بئر إذا نزلت إحداهما ارتفعت الأخرى. فلما ضعف شأن الأديان اليونانية والرومانية القديمة، ثارت الاضطرابات الشيوعية في أثينة (٤٣٠ ق. م)، وبدأت الثورة في روما (١٣٣ ق. م). ولما أخفقت هاتان الحركتان نجحت العقائد القائلة بالبعث والنشور وبلغت ذروتها في الدين المسيحي؛ ولما أن ضعفت العقيدة المسيحية في القرن الثامن عشر بعد الميلاد عادت الشيوعية إلى الظهور. وعلى هذا الاعتبار يكون مستقبل الدين مضموناً لا خوف عليه.