للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجدير بنا أن نشير هنا إلى الأدرية (١) - أي طلب العلم الرباني (gnosis) عن طريق التصوف - لم تكن كفراً بالمسيحية بقدر ما كانت عقيدة منافسة لها. لقد نشأت هذه العقيدة المسيحية، وكانت تبشر بوجود المنقذ (Soter) قبل أن يولد المسيح (٣٧). وأكبر الظن أن سمعان المجوسي السامري الذي عاب علية بطرس اتجاره بالرتب الكهنوتية كان هو نفسه مؤلف كتاب المعرض الأكبر الذي جمع فيه طائفة لا حصر لها من الأفكار الشرقية عن الخطوات المعقدة التي يستطيع بها العقل البشري أن يصل إلى العلم اللدنى بالأشياء كلها. وفي الإسكندرية امتزجت الأرفية، والفيثاغورية الجديدة؛ والأفلاطونية الجديدة بفلسفة فيلون العقلية ودفعت بسيليدس Basilides (١١٧) ، وفلنتينس Valentinus (١٦٠) وغيرهما إلى تكوين أنظمة عجيبة من "الفيض الرباني" "وإيونات" العالم المجسدة (٢)؛ وأوجد بردسانس Bardesanes (٢٠٠) في الرها اللغة السريانية الأدبية بوصفه هذه الإيونات شعراً ونثراً. وعرض ماركس الأدري The Guostic Mercus في غالة أن يكشف للنساء أسرار ملائكتهن الحارسة، وكان كل ما أوحى به إليهن إطراء لهن ونفاقاً، وقبل في نظير ذلك أن يستمتع بهن (٣٨).

وكان أعظم الملاحدة الأولين من غير الأدريين، ولكنه تأثر بآرائهم الدينية. وتتلخص قصة مرسيون Marcion وهو شاب ثري من أهل سينوب في أنه جاء إلى روما حوالي عام ١٤٠ معتزماً أن يتم ما بدأه بولس وهو تخليص المسيحية من اليهودية. وكان مما قاله مرسيون إن المسيح حسب رواية الأناجيل،


(١) مذهب شيعة كانت تقول إن المادة قديمة وإن الشر من طبيعتها وتخلط بين النصرانية ومذهب الماديين والمجوس. (المترجم)
(٢) جمع إيون وهو في الفلسفة القديمة صفة من صفات الله تجسدت وكان لها نصيب في خلق العالم. (المترجم)