للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قد قال إن أباه إله رحيم، غفور، مُحب، على حين أن يهوه كما يصفه العهد القديم، إله غليظ القلب؛ صارم في عدله مستب، إله حرب؛ ولا يمكن أن يكون يهوه هذا أباً للمسيح الوادع. وتساءل مرسيون قائلاً أي إله خير تطاوعه نفسه بأن يقضي على البشر جميعاً بالشقاء لأن أباهم الأول أكل تفاحة، أو رغب في المعرفة أو أحب امرأة؟ إن يهوه موجود، وهو خالق العالم، ولكنه خلق لحم الإنسان وعظامه من المادة، ولهذا ترك روح الإنسان مسجونة في قالب من الشر، وأراد إله أكبر من يهوه أن يطلق هذه الروح من ذلك السجن فأرسل ابنه إلى الأرض؛ وظهر المسيح؛ وكان عند ظهوره في سن الثلاثين، في جسم طيفي غير حقيقي، وكسب بموته لخيار الناس ميزة البعث الخالص. ويقول مرسيون إن الأخيار هم الذين يفعلون ما فعله بولس فينبذون يهوه والشريعة اليهودية، ويرفضون الكتب العبرانية المقدسة، ويتجنبون الزواج، واللذات الجنسية جميعها، ويتغلبون على الجسم بالزهد الشديد. عمل مرسيون على نشر هذه الآراء بإصدار عهد جديد غير العهد المعروف يتكون من إنجيل لوقا ورسائل بولس. وأصدرت الكنيسة قراراً بحرمانه، وردت إليه المال الكثير الذي وهبه إليها حين جاء إلى روما.

وبينما كانت الشيعتان الأدرية والمرسيونية آخذتين في الانتشار السريع في الشرق والغرب ظهر زعيم جديد لشيعة ضالة أخرى في ميسيا Mysia. فقد قام في عام ١٥٦ رجل يدعى منتانس Montanus يندد بتعلق المسيحيين المتزايد بشئون هذا العالم وبازدياد سلطان الأساقفة المطلق على الكنيسة، وأخذ يطالب بالعودة إلى بساطة المسيحية الأولى وصرامتها، ويرد حق التنبؤ أو القول الملهم إلى أعضاء الجماعات المسيحية. وآمنت امرأتان تدعيان بريسلا Priscilla ومكسمليا Maximillia بأقواله، وأخذتا تنطقان في أثناء غيبوبتها الدينية بأقوال أصبحت النبوءات الباقية لهذه الشيعة. وكان منتانس نفسه يتنبأ في أثناء نشوته الدينية بنبوءات بلغ من فصاحتها أن أتباعه الفريجيين أخذوا يلقبونه بالجدي الذي وعد