ثوبات من تفكيره إلى الأدرية التي تقول إنه يرفضها، ويصف سقوط النفس درجة بعد درجة من السماء إلى الإنسان ذي الجسد؛ وهو على العموم يفضل الفكرة الهندية التي تقول إن النفس تنتقل من صور الحياة الدنيا إلى العليا أو من صورها العليا إلى الدنيا، حسب فضائلها ورذائلها، في كل صورة من صور الحياة تنتقل إليها. وهو يبدو في بعض الأحيان فيثاغورياً مازحاً، كما نراه في قوله:"إن الذين يسرفون في حب الموسيقى يصبحون في تجسدهم الثاني طيوراً مغردة، والفلاسفة الذين يتجاوزون الحد في التفكير يتحولون إلى نسور (٤٦). وكلما كانت النفس أكثر رقياً كانت أكثر إصراراً في سعيها إلى أصلها القدسي، ومثلها في ذلك كمثل الطفل الذي ضل من أبويه أو كمثل الجائل المشتاق إلى العودة إلى وطنه. والنفس قادرة على أن تبلغ الفضيلة، أو الحب الحقيقي، أو الإخلاص إلى ربات الفن، أو الفلسفة التي تحتاج إلى صبر طويل؛ وستعثر على السلّم الذي نزلت عليه؛ وترقاه إلى ربها. فلتتطهّر النفس إذن، ولترغب رغبة صادقة في الجوهر غير المرئي، ولتفقد العالم عن طريق التأمل؛ ولعلها في لحظة من اللحظات التي تخفت فيها كل ضوضاء الحواس، وتنقطع المادة عن طريق أبواب العقل، ستحس فجأة بأنها مستغرقة في محيط الكينونة، في الحقيقة الروحية النهائية (وكتب ثورو وهو يطفو لاهياً على بركة من الدن يقول: "لقد فارقت الحياة في بعض الأحيان، وبدأت أكون")، ويقول أفلوطينس:
"فإذا حدث هذا ترى النفس الإلوهية إلى الحد الذي يحق لها أن تصل رؤيتها … وتشهد نفسها قد أضيئت؛ أي ملئت بنور عقلي؛ أو بعبارة أصح تدرك أنها ضياء خالص، غير مثقلة، نشيطة، خفيفة، تسير في طريقها إلى أن تكون إلهاً" (٤٧).
ولكن ما هو الإله؟ يقول أفلوطينس إنه "هو" أيضاً ثالوث - من الوحدة (ben) والفكر (nous) ، والنفس (psyche) و"من وراء