للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الأشياء كلها، بما فيها الأشياء المتنافرة المتعارضة، وتجعل منها نظاماً متناسقاً سامياً يثير الدهشة والإعجاب (٥١). والجمال والفضيلة شيء واحد في نهاية الأمر - وهما اتحاد الجزء مع الكل وتعاونه معه.

"ارجع إلى نفسك وتأمل، وإذا لم تجد نفسك جميلاً فافعل مع ذلك ما يفعله صانع التمثال … فهو يقطع هنا، ويصقل هناك، ويجعل هذا الخط أخف، وذاك أنقى، حتى ينشأ لتمثاله وجه جميل. فافعل أنت مثل فعله: واقطع كل شيء زائد وقوم كل معوج: ولا تنقطع عن نحت تمثالك حتى: ترى الطيبة الكاملة مستقرة في الحرم النقي الطاهر" (٥٢).

إنا لنحس في هذه الفلسفة بما نحس به في المسيحية المعاصرة لها من جو روحاني - نحس بابتعاد العقول الغضة عن مطالب الحياة الدنيوية واتجاهها نحو الدين، وفرارها من الدولة إلى الله. وليس بعجيب أن يكون أفلوطينس وأرجن تلميذين وصديقين، وأن ينشئ كلمنت Clement أفلاطونية مسيحية في الإسكندرية وأفلوطينس هو آخر الفلاسفة الوثنيين العظام، وهو مسيحي بلا مسيح، مثله في هذا كمثل أبكنتس وأورليوس. ولقد قبلت المسيحية كل سطر من أسطره تقريباً، وما أكثر صحائف أوغسطين التي تردد نشوة هذا الصوفي الجليل. وعن طريق فيلون ويوحنا، وأفلوطينس، وأوغسطين، غلب أفلاطون أرسطو، وتعمق في أبعد أغوار اللاهوت الكنسي، وأخذت الثغرة القائمة بين الفلسفة والدين تضيق شيئاً فشيئاً، ورضى العقل مدى ألف عام أن يسير في ركاب الدين.