الضرر بجسمه بعد أن هد الزهد المتواصل قواه، ومات فقيراً كما كان حين بدأ يعلم الناس، ولكنه كان أعظم المسيحيين شهرة في زمنه.
ولما أن ذاعت بدعه، ولم تعد سراً مقصوراً على عدد قليل من تلاميذه، رأت الكنيسة أن لابد لها أن تتبرأ منه، وطعن البابا أنستيسيوس في عام ٤٠٠ في آرائه التجديفية. ولعنه مجلس القسطنطينية، وأصدر عليه قرار الحرمان في عام ٥٥٣. لكننا لا نكاد نجد عالماً مسيحياً ممن جاءوا بعده بعدة قرون لم يغترف من بحر علمه الفياض، ولم يعتمد على كتبه؛ وأثّر دفاعه عن المسيحية في عقول المفكرين الوثنيين كما لم يؤثر فيها "دفاع" آخر قبله. وبفضله لم تعد المسيحية دين سلوى وراحة للنفوس فحسب، بل أضحت فوق ذلك فلسفة ناضجة كاملة النماء، دعامتها الكتاب المقدس، ولكنها تعتز باعتمادها على العقل.