أهل إنطاكية والإسكندرية الفكهين كانوا يلقبونه "رئيس الكنيس" وكانت أمه تفضل المسيحيين على غيرهم، وقد بسطت حمايتها على أرجن، واستدعته ليفسر للناس أصول دينه المرن.
وإذا كانت جوليا ميزا قد توفيت بعد قليل من اعتلاء الإسكندر العرش، فقد كانت مامائيا وكان ألبيان معلّم الاسكندر هما اللذان يرسمان خططه السياسية، وإصلاحاته الإدارية. ومن أعمالهما أنهما اختارا ستة عشر من أعضاء مجلس الشيوخ البارزين وألفا منهم مجلساً إمبراطورياً وقررا ألا يُنفَّذ عمل من الأعمال الكبرى إلا إذا وافق عليه. ولما أن تزوج الاسكندر وأظهر تحيزاً ظاهراً لزوجته بسبب حبه لها أمرت مامائيا بنفيها ولم يرَ الاسكندر بداً من الاستسلام لوالدته. ولما كبر زاد نصيبه في إدارة شئون الدولة فكان "يعنى بالشئون العامة قبل مطلع الفجر"، كما يقول كاتب سيرته القديم، "ويوالي النظر في هذه الشئون زمناً طويلاً، دون ملل أو غضب، بل يبقى على الدوام مرحاً هادئاً راضياً"(١٦).
وكانت خطته الأساسية تهدف إلى إضعاف سيطرة الجيش المؤدية إلى انحلال الدولة، وذلك بإعادة هيبة مجلس الشيوخ والأشراف؛ فقد كان يبدو له أن حكم الأشراف ذوي الأصول السامية هو البديل الوحيد من حكم المال، أو الخرافات، أو السيف؛ وقد استطاع بمعونة مجلس الشيوخ أن ينفّذ مئات الخطط التي أدت إلى اقتصاد كبير في نفقات الإدارة، ففصل عدداً كبيراً من الموظفين الزائدين على الحاجة في قصره، وفي المناصب الحكومية، وفي الولايات، وباع معظم ما كان في خزائن الإمبراطور من جواهر، أودع ثمنها في بيت المال.
وأصدر قرارات اعترف فيها بهيئات العمال والتجار، وشجعها وأعاد تنظيمها، وأجاز لهذه الهيئات أن تختار محامين عنها من بين أعضائها (١٧). ولعل مجلس الشيوخ كان أقل رضاءً عن هذا العمل منه عن أعماله الأخرى، وقد فرض رقابة شديدة على الأخلاق العامة فأمر بالقبض على العاهرات ونفى