أملاكهم حتى كاد يقضي على هذه الطبقة. وفي ذلك يقول هروديان Herodian " وكان في وسع الإنسان أن يرى في كل يوم أغنى الأغنياء بالأمس يصبح متسولاً"(١٩). وقاومه مجلس الشيوخ الذي أعاد سفيرس تكوينه وقواه أشد المقاومة، فأعلن أن مكسمينس خارج على القانون، واختار اثنين من أعضائه هما مكسمس Maximus وبلبينس Balbinus إمبراطورين. وسار مكسمس على رأس جيش هزيل لملاقاة مكسميس، فانحدر هذا من جبال الألب وحاصر أكويليا Aquileia. وكان مكسميس أفضل القائدين، وكانت لديه أكبر القوتين؛ ولاح أن مجلس الشيوخ وطبقات الملاّك سيلقيان مصيرهما المحتوم، ولكن جماعة من جنود مكسيمس الذين كانوا حانقين عليه لأنه وقع عليهم عقاباً وحشياً قتلوه غيلة في خيمته. وعام مكسمس ظافراً إلى روما حيث اغتاله الحرس البريتوري هو وبلبينس، واختار جرويانس الثالث إمبراطوراً وأيد مجلس الشيوخ هذا الاختيار.
ولسنا نريد أن نذكر بالتفصيل الممل أسماء الأباطرة الذين جلسوا على العرش في هذا العصر الدموي الذي سادته الفوضى، ولا أن نذكر وقائعهم الحربية وقتلهم ومماتهم. وحسبنا أن نقول إن سبعة وثلاثين رجلاً نودي بهم أباطرة في الخمسة والثلاثين عاماً الواقعة بين حكم الاسكندر سفيرس وأورليان. وقتل جرديان الثالث جنوده وهو يحارب الفرس (٢٤٤)، وهزم ديسيوس Decius فليب العربي الذي خلفه على العرش وقتله في فرونا Verona (٢٤٩) ، وكان فليب هذا رجلاً من أهل إلبريا، وكان ثرياً مثقفاً مخلصاً لروما إخلاصاً خلقياً بالشرف الذي ناله في القصص القديم، وقد وضع فليب هذا في أثناء فترات السلم التي تخللت حرب القوط برنامجاً واسعاً ليعيد به إلى روما دينها وأخلاقها، وعاداتها الصالحة، وأصدر أوامره بالقضاء على المسيحية. ثم عاد إلى نهر الدانوب، والتقى بالقوط، وشهد بعينه مقتل ابنه إلى جانبه، وأعلن في جيشه الهياب المتردد أن خسارة فرد من الأفراد لا قيمة لها البتة، وهاجم جيش العدو وقتل هو في هزيمة