الجندي إلى دفه مرتبه كله وإعانة الحرب في شراء سلعة واحدة، وبذلك يذهب كل ما يقدمه العالم كله لإمداد الجيش بحاجته في جيوب أولئك اللصوص الجشعين (١).
ولقد ظل هذا المرسوم حتى وقتنا الحاضر أعظم محاولة في التاريخ كله لاستبدال القرارات الحكومية بالقوانين الاقتصادية. ولكن التجربة أخفقت إخفاقاً عاجلاً كاملاً، فقد أخفى التجار ما عندهم من السلع وشحت البضائع أكثر من ذي قبل، واتهم دقلديانوس نفسه بالتغاضي عن ارتفاع الأسعار (٥٢). وحدثت عدة اضطرابات؛ واضطرت الحكومة إلى التراخي في تطبيق المرسوم لإعادة الإنتاج والتوزيع إلى حالتهما الطبيعية (٥٣)، وانتهى الأمر بإلغائه على يد قسطنطين.
وكانت علة ضعف هذا النظام الاقتصادي الخاضع للسيطرة الحكومية
(١) وتكشف أقصى الأثمان التي حددها ذلك المرسوم لبعض السلع عن مستوى الأسعار والاجور في عام ٣٠١ م. فالقمح، والعدس، والبسلة كان ثمن (البشل Bushe) منها يعادل ٣. ٥ ريال أمريكي، وكان الشعير، والشيلم، والفول بـ ٢. ١٠ ريال للبشل؛ والنبيذ بـ ٢١ - ٢٦ من مائة من الريال للبينت Pint؛ وزيت الزيتون بـ ١٠. ٥ من مائة من الريال للبينت، ولحم الخنزير بـ ١٠. ٥ من مائة من الريال للرطل الانجليزي، ولحم العجول أو الضأن بـ ٧ من مائة من الريال الإنجليزي، والدجاج الصغير كل اثنتين بـ ٥٢. ٥ والزبابات (dormouse) كل عشر بـ ٣٥؛ وأحسن أنواع الكرنب والخس كل خمس منها بـ ٣. ٥ والبصل الأخضر كل ٢٥ بـ ٣. ٥؛ وأحسن البزاقات (snails) كل عشرين بـ ٣. ٥؛ والتفاح أو الخوخ الكبير كل عشر بـ ٣. ٥؛ والتين كل ٢٥ بـ ٣. ٥؛ والشعر كل رطل إنجليزي بـ ٣. ٥، والأحذية يتراوح ثمن الزوج منها بين ٦٢ من مائة و ١. ٣٨ ريال، وكانت أجور عمال الزراعة بين ٢٣، ٤٦ من مائة من الريال، يضاف إليها الطعام، وكان البناءون والنجارون، والحدادون، والخبازون، يتقاضون ٤٦ من مائة من الريال مضافاً إليها ثمن الطعام؛ والحلاقون ١. ٧٥ ريال عن كل شخص، والكتبة ٠. ٢٣ عن كل ١٠٠ سطر، ومدرسو المدارس الأولية ٠. ٤٦ عن كل تلميذ في كل شهر؛ ومدرسو الآداب اليونانية أو اللاتينية أو الهندية ١. ٨٤ عن كل تلميذ في الشهر، والمحامون ٧. ٢٦ ريالات عن كل قضية (٥١).