للإله الأعظم. فقد أقيمت في لارسا الهياكل الكثيرة لشمش، ولإشتار في أورك، ولننار في أور- ذلك أن الآلهة السومرية لم ينقض عهدها بانقضاء عهد دولة السومريين. ولم يكن الآلهة بمنأى عن الأهلين، فقد كان معظمهم يعيشون على الأرض في الهياكل، يأكلون الطعام بشهية قوية، ويزورون الصالحات من النساء في أثناء الليل فيستولدونهن أطفالاً لم يكن أهل بابل العاملون المجدون يتوقعون أن يولدوا لهم (٦٩). وأقدم الآلهة كلهم آلهة السماء وما فيها: أنو السماء الثابتة، وشمش الشمس، وننار القمر، وبل أو بعل الأرض التي يعود كل البابليين إلى صدرها بعد مماتهم (٧٠). وكان لكل أسرة آلهتها المنزلية تقام إليها الصلاة، وتصب إليها الخمور في كل صباح ومساء، وكان لكل فرد رب يحميه (أو ملك يحرسه كما نقول نحن بلغة هذه الأيام)، يرد عنه الأذى والسرور؛ وكان جن الخصب يحومون فوق الحقول ليباركوها. ولعل اليهود قد صاغوا ملائكتهم من هذا الحشد العظيم من الأرواح.
ولسنا نجد عند البابليين شواهد على التوحيد كالتي ظهرت في عهد إخناتون وعهد إشعيا الثاني؛ على أن قوتين من القوى قد قربتاهم من هذا التوحيد، أولهما اتساع رقعة دولتهم عقب الحروب، وهذا الاتساع أخضع آلهتهم المحلية لسلطان إله واحد؛ والقوة الثانية أن كثيراً من المدن كانت تخلع على إلهها الخاص المحبب لها السلطان الأعلى والقدرة على كل شيء. من ذلك قول نبو مثلاً:"آمن بنبو، ولا تؤمن بغيره من الآلهة"(٧١). ولا يختلف هذا القول كثيراً عن الوصية الأولى من وصايا اليهود. وقل عدد الآلهة شيئاً فشيئاً بعد أن فسرت الآلهة الصغرى بأنها صور أو صفات للآلهة الكبرى. وعلى هذا النحو أصبح مردك إله بابل- وكان في بادئ الأمر من آلهة الشمس- كبير الآلهة البابلية (٧٢). ومن ثم لقب ِبل- مردك أي مردك الإله وإليه وإلى إشتار كان البابليون يوجهون أحر صلواتهم وأبلغ دعواتهم.