ويلوح أن للقانون الروماني منذ أيام نيرون كان يعد الجهر بالمسيحية جريمة يعاقب عليها بالإعدام (١٠)، ولكن معظم الأباطرة كانوا يتغاضون عن تنفيذ هذا القانون متعمدين (١١)، فكان في وسع المسيحي إذا اتهم بمخالفته أن ينجو عادة من العقاب بحرق البخور أمام تمثال الإمبراطور، ويبدو أنه كان يُسمح له بعد ذلك أن يمارس شعائر دينه غير مضيق عليه (١٢). أما المسيحيون الذين يرفضون تقديم هذا الولاء للإمبراطور فكانوا يسجنون، أو يجلدون، أو ينفون، أو يحكم عليهم بالعمل في المناجم، أو بالإعدام في حالات نادرة. ويبدو أن دومتيان نفى بعض المسيحيين من روما ولكنه "وهو الرجل الرحيم إلى حد ما، لم يلبث أن وقف ما بدأه"(١٣). ونفّذ بلني هذا القانون مدفوعاً إلى ذلك بفضول الرجل الهاوي الذي يبغي إظهار سلطانه على الناس (١١١)، إذا جاز أن نحكم عليه من رسالته التي بعث بها إلى تراجان:
"إن الطريقة التي اتبعتها مع مَن اتهموا أمامي بأنهم مسيحيون هي هذه: لقد سألتهم هل هم مسيحيون؟ فإذا اعترفوا بأنهم كذلك أعدت السؤال عليهم مرة أخرى، وأنذرتهم في الوقت نفسه بأنهم سيقتلون إذا أصروا على قولهم، فإذا أصروا عليها أمرت بقتلهم … إن الناس بعد أن هجروا المعابد، فلا يكادون يطرقونها، قد أخذوا الآن يعودون إليها … وكثر الطلب على الضحايا من الحيوانات بعد أن قل الإقبال على شرائها"(١).
وقد رد عليه تراجان بقوله:
"إن الخطة التي سرت عليها يا عزيزي بلني في بحث حالات مَن اتهموا أمامك بأنهم مسيحيون خطة حكيمة … يجب ألا تجد في البحث عن
(١) أنظر نص هذه الرسالة كاملاً، ورد تراجان عليها في كتابنا ((أشهر الرسائل العالمية)) الجزء الأول. (المترجم)