أيام شبابنا. وفي العمارة لم تخترع الأقواس أو العقود أو القباء، ولكنها استخدمتها بجرأة وفخامة جعلت بعض الطرز من عمائرها أرقى من جميع نظائرها إلى هذه الأيام؛ ولقد أخذت الكنائس الكبرى في العصور الوسطى جميع عناصرها من الباسلقا الرومانية. ولم تخترع روما التماثيل، ولكنها وهبتها قوة واقعية، قلما سما إليها اليونان أصحاب هذه النزعة؛ ولم تبتدع الفلسفة ولكن لكريشيوس وسنكا هما اللذان وجدت فيهما الأبيقورية والرواقية صورتيهما النهائيتين المصقولتين أعظم صقل. ولم تنشئ الأنماط الأدبية إنشاء، لا نستثني من ذلك الهجوا نفسه، ولكن مَن منا يستطيع أن يقدر حق التقدير ما كان لشيشرون من أثر في فنون الخطابة، والمقالة، وأسلوب النثر، أو أثر فرجيل في دانتي، أو تسو Tasso في ملتن … أو ليفي وتاستس في كتابة التاريخ، أو هوراس وجوفنال في دريدن، وسوفت، وبوب؟.
وقد أضحت لغتها بفضل ما دخل عليها من مسخ يثير الإعجاب لغة إيطاليا، ورومانيا، وفرنسا، وأسبانيا، والبرتغال، وأمريكا اللاتينية، أي لغة نصف عالم الرجل الأبيض؛ وقد ظلت تلك اللغة حتى القرن الثامن عشر اللغة الدولية للعلم والتبحر في الدرس، والفلسفة في بلاد الغرب. وكانت هي المعين الذي اغترفت منه مفردات دولية سهلة لعلمي الحيوان والنبات. ولقد بقيت حية في الطقوس المنغمة والوثائق الرسمية للكنيسة الكاثوليكية، ولا تزال تكسب بها تذاكر الأطباء، وتتردد كثيراً في المصطلحات القانونية؛ ودخلت عن طريق اللغات الرومانسية (١) مثل (royal yegal، reyalis، و pessant، pagan، paganus؛ لتزيد من اللغة الإنجليزية ومرونتها. وملاك القول أن ما ورثناه من الرومان يظهر أمامنا آلاف المرات في كل يوم.
ولما أن فتحت المسيحية روما انتقل إلى الدين الجديد بناء الدين الوثني
(١) أي المشتقة من اللغة اللاتينية كاللغات السالفة الذكر. (المترجم)