القديمة في كولوني، واستولوا على أرع وأربعين مدينة غيرها، وفتحوا الألساس كلها، وتقدموا مدى أربعين ميلاً في غالة، ولما أن واجه قنسطنطيوس هذه الأزمة العصيبة، طلب إلى الشاب الذي يرتاب فيه ويزدريه أن يبذل نفسه من فوره فيجعل منها نفس جندي حازم وإداري حازم، وأعطى يوليان حرساً مؤلفاً من ثلثمائة وستين رجلاً، وكلفه بإعادة تنظيم الجيش المربط في غالة، وأمره بعبور جبال الألب.
وقضى يوليان الشتاء في فين Vienne ويانه على نهر الرون، يدرب نفسه التدريب العسكري، ويدرس فنون الحرب دراسة الرجل المجد المتحمس لأداء واجبه. وفي ربيع عام ٣٥٦ جمع جيشاً عند ريمس Reims صد به الغزاة الألمان واسترد منهم كولوني؛ ولما حاصرته قبيلة الألماني -التي أصبح اسمها علماً على ألمانيا كلها- في سنس Sens ظل يصد هجمات المحاصِرين ثلاثين يوماً، واستطاع أن يحصل على ما يحتاجه جنوده وأهل المدينة من المؤن حتى نفد صبر الأعداء. ثم زحف نحو الجنوب والتقى بجيش قبيلة الألماني الأكبر عند استرسبورج، ونظم جيشه على شكل إسفين هلالي، وقاده قيادة الرجل العارف بأفانين الحرب المملوء القلب بالشجاعة، فانتصر نصراً على قوات العدو التي تفوق قواته عدداً (٢٤)، وتنفست غالة الصعداء بعد هذا النصر المؤزر؛ ولكن قبائل الفرنجة الضاربة في الشمال كانت لا تزال تعيث فساداً في وادي الموز Meuse، فزحف عليها يوليان بنفسه، وأوقع بها هزيمة منكرة، وأرغمها على عبور الرين، ثم عاد إلى باريس عاصمة الولاية متوجاً بأكاليل النصر، ورحب به أهل غالة وشكروا له حسن صنيعه ورأوا في القيصر الصغير يوليوساً Julius جديداً؛ وما لبث جنوده أن هجروا بأملهم في أن يجلس عما قريب على عرش الإمبراطورية.
وبقى في غالة خمس سنين، يعمر الأرض المخربة بالسكان، ويعيد وسائل الدفاع عن نهر الرين. ويمنع استغلال الأهلين الاقتصادي والفساد