الطعام ولا تصغي للدعاء. وكان الدين عند البابليين يُعنى بالمراسم الصحيحة أكثر مما ُيعنى بالحياة الصالحة. فإذا شاء الإنسان أن يؤدي ما يجب عليه نحو الآلهة كان عليه أن يقرب القربان اللائق للهياكل، ويتلو الصلوات والأدعية المناسبة (٩٠). أما فيما عدا هذا فقد كان في وسعه أن يفقأ عين عدوه المهزوم، ويقطع أيادي الأسرى وأرجلهم، ويشوي ما بقى من أجسامهم وهم أحياء (٩١)، دون أن يؤذي بذلك آلهة السماء.
وكان أهم ما يجب أن يعمله البابلي التقي المستمسك بدينه أو يشترك في المواكب الطويلة المهيبة كالمواكب التي كان الكهنة ينقلون فيها صورة مردك من هيكل إلى هيكل، ويمثلون فيها مسرحية موته وبعثه المقدسة، أو أن يحضر هذه الاحتفالات وهو خاشع، وأن يطلي الأصنام بالزيوت المعطرة (١)، ويحرق البخور بين يديها، ويلبسها أحسن الثياب وأغلاها، أو يزينها بالجواهر؛ وأن يقدم عرض ابنته العذراء في احتفال إشتار العظيم وأن يقدم الطعام والشراب للآلهة، وأن يكون كريماً مضيفاً للكهنة (٩٣).
أو لعلنا نظلمه كما سيظلمنا المستقبل بلا ريب حين يحكم علينا بالقليل الذي سوف تبقيه المصادفات المحضة من آثارنا، وتنجيه من عبث الزمان. استمع مثلا إلى ما يقوله نبوخد نصر الفخور مخاطباً مردك في تذلل وخضوع: