على جميع الشعوب الخاضعة لحكمنا الرحيم"، وأن إتباع غيرها من العقائد "مفتونون مسلوبو العقول" (٣٩)، وفي عام ٣٨٢ أمر ألا تؤدي خزانة الإمبراطورية أو خزائن البلديات أية إعانات لإقامة الاحتفالات الوثنية، أو للعذارى الفستية أو الكهنة الوثنيين، ثم صادر الأراضي التي تملكها الهياكل، جماعات الكهنة، وأمر أتباعه بأن يرفعوا من قاعة مجلس الشيوخ في روما تمثال إلهة النصر الذي أقامه فيها أغسطس في عام ٢٩ ق. م، والذي ظل اثنا عشر جيلاً من الشيخ يقسمون بين يديه يمين الولاء للإمبراطور؛ وانتدب مجلس الشيوخ وفدا برياسة سيماخوس يشرح لجراتيان قضية تمثال النصر هذا. ولكن جراتيان أبى أن يستقبل الوفد، وأمر ينفي سيماخوس من روما (٣٨٢)؛ وفي عام ٣٨٣ قتل جراتيان وبعث هذا الأمل في مجلس الشيوخ فأرسل وفداً إلى خليفته على العرش؛ وكانت الخطبة التي ألقاها سيماخوس بين يدي فلنتنيان الثاني آية من آيات الدفاع البليغ، وكان مما قاله فيها إنه ليس من الحكمة في شيء أن يقضي هذا القضاء العاجل المفاجئ على شعائر دينية ظلت طوال ألف عام مرتبطة أشد الارتباط باستقرار النظام الاجتماعي وبهيبة الدولة، ثم قال: "ماذا يهمنا، في آخر الأمر، أي طريق يسلكا إنسان ليصل به إلى الحقيقة؟ والحق أن في وسع الناس أن يصلوا إلى معرفة هذا السر العظيم من طريق واحد" (٤٠).
وتأثر فلنتنيان الشاب بهذا القول، ويقول أمبروز إن من كان في المجلس الإمبراطوري من المسيحيين أنفسهم قد أشاروا على الإمبراطور بإعادة تمثال النصر إلى مكانه، ولكن أمبروز، وكان في ذلك الوقت غائباً في بعثة دبلوماسية الدولة، تغلب على المجلس برسالة قوية مليئة بالكبرياء والغطرسة أسلها إلى الإمبراطور. وعدد فيها حجج سيماخوس حجة بعد حجة، ثم دحضها كلها بما وهب من قوة وبلاغة. وقد حوت هذه الرسالة ما يعد في الواقع تهديداً