يكن له شأن كبير في حياة البابليين، تفيض به ترانيمهم، وتسري فيها كلها نغمة لا تزال باقية في الطقوس السامية وما اشتق منها من ترانيم غير الساميين. وإلى القارئ مثلاً من هذه الترانيم:" رب إن ذنوبي عظيمة، وأفعالي السيئة كثيرة! … إني أرزح تحت أثقال العذاب، ولم يعد في وسعي أن أرفع رأسي، إني أتوجه إلى إلهي الرحيم أناديه، وأنا أتوجع وأتألم! … رب لا ترد عنك خادمك! "(٩٦).
وكانت فكرة الخطيئة عند البابليين مما جعل هذه التضرعات تصدر عن إخلاص حق شديد. ذلك أن الخطيئة لم تكن مجرد حالة معنوية من حالات النفس؛ بل كانت كالمرض تنشأ من سيطرة شيطان على الجسم في مقدوره أن يهلكه. وكانت الصلاة عندهم بمثابة رقية تخرج العفريت الذي أقبل عليه من طوائف القوى السحرية التي كان الشرق القديم يعيش فيها ويخوض عبابها. وكان البابليون يعتقدون أن هذه الشياطين المعادية للناس تترصده في كل مكان. فقد كانت تعيش في شقوق عجيبة وتتسلل إلى البيوت من خلال أبوابها، أو من فتحات مزالجها أو أوقابها، وتنقض على فريستها في صورة مرض أو جنة إذا ما ارتكب خطيئة أبعدت عنه إلى حين حماية الآلهة الخيرين. وكان للمردة، والأقزام، والمقعدين، وللنساء بنوع خاص، كان لهؤلاء كلهم في بعض الأحيان القدرة على إدخال الشياطين في أجسام من لا يحبون وذلك بنظرة من "عين حاسدة". وكان من المستطاع اتقاء شر هؤلاء الشياطين إلى حد ما باستعمال التمائم والطلاسم وما إليها من الرقى والأحاجي. وكانت صور الآلهة إذا حملها الشخص معه تكفي في الغالب لإخافة الشيطان وإبعاده. وكان من أقوى التمائم أثراً قلادة من حجارة صغيرة تسلك في خيط أو سلك وتعلق في العنق؛ على أن يراعى في الحجارة أن تكون من النوع الذي تربط الأقوال المأثورة بينه وبين الحظ الحسن، وفي الخيط أن يكون أسود أو أبيض أو أحمر حسب الغرض الذي يريده منه صاحبه. وكان