فيها الدماء انهاراً، حتى ليقال إن ١٦٢. ٠٠٠ رجل قد قتلوا فيها من بينهم ملك القوط البطل المغوار؛ وانتصر الغرب في هذه المعركة نصراً غير حاسم، فقد تقهقر أتلا بانتظام، وأنهكت الحرب الظافرين، أو لعلهم كانوا منقسمين على أنفسهم في خططهم، فلم يتعقبوا أتلا وجنوده ولهذا غزا إيطاليا في العام التالي.
وكانت أول مدينة استولى عليها في زحفه هي أكويليا Aquileia، وقد دمرها تدميراً قضى عليها قضاء لم تقم لها بعده قائمة حتى اليوم، أما فرونا Verona وفبسنزا Vicenza فقد عوملنا بشيء من اللين والرحمة واشترت بافيا وميلان نفسيهما من الغزاة بتسليم كل ما فيهما من ثروة منقولة. وبعد هذا فتحت الطريق إلى روما أمام أتلا؛ وكان جيش إيتيوس قليل العدد لا يقوى على أية مقاومة جدية، ولكن أتلا تباطأ عند نهر البو، وفر فلنتنيان الثالث إلى روما، ثم أرسل إلى ملك الهون وفداً مؤلفاً من البابا ليو الأول واثنين من أعضاء مجلس الشيوخ. وما من أحد يعلم ما جرى حين اجتمع هذا الوفد بأتلا. وكان ليو رجلاً مهيب الطلعة، يعزو إليه المؤرخون معظم ما أحرزه الوفد من نصر لم ترق فيه دماء. وكل ما يذكره التاريخ عن هذا النصر أن أتلا قد ارتد لأن الطاعون فشا بين جنوده، ولأن مئونتهم كانت آخذة في النفاد، ولأن مرسيان كان المدد من الشرق (٤٥٢).
وقاد أتلا جحافله فوق جبال الألب وعاد بها إلى عاصمته في بلاد المجر، متوعداً إيطاليا بالعودة إليها في الربيع التالي إذا لم ترسل إليه هونوريا، ليتخذها زوجة له. وقد استعاض عنها في هذه الأثناء بشابة تدعى إلديكو Ildico ضمها إلى نسائه. وكانت هذه الفتاة هي الأساس التاريخي الواهي لقصة Krienhild المسماة نِبل أنجليد Nibelungenlied. واحتفل بزفافها له احتفالاً أثقلت فيها الموائد بالطعام والشراب. ولما أصبح الصباح وجد أتلا ميتاً في فراشه إلى جانب زوجته