عمود في تيير؛ وكانت أظافر أصابع قدميه تتساقط في الشتاء، وتتعلق قطع الجليد بلحيته. وحبس القديس سينوخ نفسه بالقرب من تور في مكان ضيق بين أربعة جدران لم يستطع فيه أن يحرك النصف الأسفل من جسمه. وعاش على هذا النحو سنين كثيرة، كان فيها موضعاّ لإجلال الشعب (٣١). وأدخل القديس يوحنا كسيان John Cassian في الرهبنة آراء باخوم ليوزان بها نشوة أنطونيوس الروحية. فقد أوحت إليه بعض مواعظ كريستوم أن ينشئ ديراً للرجال وآخر للنساء في مرسيلية (٤١٥)، وأن يضع لهما أول ما وضع في الغرب من قوانين لحياة الرهبنة، وكان خمسة آلاف راهب في بروفانس Prevence يعيشون حسب ما وضعه من القواعد قبل أن يموت في عام ٤٣٥. وبعد عام ٤٠٠ بقليل أنشأ القديسان هونوراتوس Honoratus وكبراسيوس Caprasius ديراً على جزيرة ليرن Lerins المواجهة لمدينة كان Cannes. وكانت هذه الأديرة تعوّد الناس التعاون في العمل، والدرس، والتبحر في العلوم، أكثر مما تعلمهم التعبد في عزلة، ولم يلبث أن صارت مدارس لتعليم أصول الدين، كان لها أبلغ الأثر في أفكار الغرب. ولما تولى القديس بندكت حكم غالة من الوجهة الدينية في القرن التالي، أقام حكمه على تقاليد كاسيان التي كانت من خير النظم الدينية في التاريخ كله.