وغيرها من الأقطار. وكانت البنات في ليديا وقبرص يحصلن على بائنة زواجهن بهذه الطريقة نفسها ١٠٩). وظلت "الدعارة المقدسة" عادة متبعة في بلاد بابل حتى ألغاها قسطنطين (حوالي عام ٣٢٥ ق. م)(١٠٩). وكان إلى جانبها عهر مدني منتشر في حانات الشراب التي تديرها النساء (١١٠).
وكان يسمح للبابليين في العادة بقسط كبير من العلاقات الجنسية قبل الزواج، ولم يكن يظن على الرجال والنساء أن يتصلوا اتصالاً غير مرخص به "بزيجات تجريبية" تنتهي متى شاء أحد الطرفين أن ينهيها؛ ولكن المرأة في هذه الحالات كان من واجبها أن تلبس زيتونة ـ من حجر أو طين محروق ـ دلالة على أنها محظية (١١١). وتدل بعض الألواح على أن البابليين كانوا ينشئون القصائد الغزلية ويغنون الأغاني الغرامية؛ ولكن هذه القصائد والأغاني لم يبق منها إلا سطر هنا وسطر هناك، كانت تستهل به القصيدة أو الأغنية كقولهم:"إن حبيبي من نور" أو "إن قلبي مليء بالمرح والغناء"(١١٢). ولدينا خطاب يرجع تاريخه إلى عام ٢١٠٠ ق. م، وتشبه نغمته رسائل نابليون الأولى إلى جوزفين (١): "إلى بيبيا … لعل شمش ومردك يهبانك صحة أبدية … لقد أرسلت (أستفسر) عن صحتك، فخبريني كيف حالك؛ لقد وصلت إلى بابل، ولكني لا أراك؛ إني في أشد الحزن"(١١٣).
وكان الآباء هم الذين يهيئون الزواج الشرعي لأبنائهم، وكان الطرفان يقرانه بتبادل الهدايا، ولعل هذه العادة كانت أثراً من نظام قديم هو نظام الزواج بالبيع والشراء. فكان الخطيب يتقدم إلى والد العروس بهدية قيمة؛ ولكن الوالد كان ينتظر منه أن يهب ابنته بائنة أعظم قدراً من الهدية (١١٤)، حتى لقد كان يصعب على المرء أن يقول أيهما المشترى المرأة أم الرجل؟ على أن بعض
(١) انظر ترجمة بعض هذه الرسائل (وخاصة الرسالة رقم ٢) في الجزء الثاني من "أشهر الرسائل العالمية" للمترجم.