الزيجات كانت بيعاً صريحاً، من ذلك إن شمشتريز حصل على عشرة شواقل (٥٠ ريالا) ثمناً لابنته (١١٥). وإذا جاز لنا أن نصدق أبا التاريخ "فإن من كانت لهم بنات في سن الزواج يأتون بهن مرة في كل عام إلى مكان يجتمع فيه حولهن عدد كبير من الرجال، ثم يصفهن دلاّل عام ويبيعهن جميعاً واحدة في إثر واحدة، فينادي أولاً على أجملهن، وبعد أن يقبض فيها ثمناً عالياً ينادي على من تليها في الجمال. ولكنه لم يكن يبيعهن إلا بشرط أن يتزوجهن المشترون … وهذه العادة المستحبة لم يعد لها الآن بقاء"(١١٦).
ويلوح أن الزواج في بابل، رغم هذه الأساليب الغريبة، لم يكن يقل إخلاصاً واقتصارا على واحدة عنه في العالم المسيحي في هذه الأيام. وكانت الحرية المباحة للأفراد قبل الزواج يتبعها إرغام شديد على الاستمساك بالوفاء الزوجي بعده، وكان القانون ينص على إغراق الزوج الزاني ومن زنت معه إلا إذا أشفق الزوج على زوجته فآثر أن يستبدل بهذه العقوبة إخراجها إلى الطريق عارية إلا من القليل الذي لا يكاد يستر شيئا من جسمها (١١٧). وقد بز حمورابي قيصر من هذه الناحية فقال في إحدى مواد قانونه:"إذا أشار الناس بإصبعهم إلى زوجة رحل لعلاقتها برجل غيره، ولم تضبط وهي تضاجعه، وجب أن تلقي بنفسها في النهر لشرف زوجها (١١٨). ولعل الذي كان يهدف إليه القانون بهذه العقوبة هو منع أحاديث الإفك. وكان في وسع الرجل أن يطلق زوجته، ولا يتطلب منه هذا أكثر من رد بائنتها إليها وقوله لها: "لستِ زوجتي"، أما إذا قالت هي له: "لستَ زوجي"، فقد وجب قتلها غرقاً (١١٩). وكان عقم الزوجة، وزناها، وعدم اتفاقها مع زوجها، وسوء تدبيرها لمنزلها، كانت هذه في حكم القانون مما يجيز طلاقها (١٢٠). وفي ذلك يقول القانون: "إذا لم تكن سيدة حريصة على أداء واجبها، بل كانت دوارة غير مستقلة في منزلها، مهملة لشئون بيتها، مستخفة بأطفالها، وجب أن تلقى في الماء (١٢١). وفي مقابل هذه