حدا بعلماء الدين المسيحيين إلى إنزال اللعنة على كل طفل يموت من غير تعميد، وإلى القول بأن جزاءه في الدار الآخرة هو السجن في الظلام السرمدي. وبفضل نفوذ الكنيسة جعل فلنتيان الأول وأد الأطفال من الجرائم التي يعاقب عليها بالإعدام.
ولم تحرم الكنيسة الاسترقاق، بل كان أتباع الدين القويم والمارقون والرومان، والبرابرة، كان هؤلاء جميعاً يرون أن الاسترقاق نظام طبيعي لا يمكن القضاء عليه. وقام عدد كبير من الفلاسفة يحتجون على هذا الرأي، ولكنهم هم أيضاً كان لهم عبيد. والشرائع التي سنها الأباطرة والمسيحيون في هذا الموضوع لا تسمو إلى منزلة شرائع أنطونينس بيوس أو ماركس أورليوس. مثال ذلك أن الشرائع الوثنية كانت تحكم على المرأة الحرة التي تتزوج رقيقاً بأن تكون هي الأخرى جارية؛ أما قوانين قسطنطين فكانت تقضي بقتل هذه المرأة، وإحراق العبد الذي تزوجها حياً. وأصدر الإمبراطور جراتيان مرسوماً يقضي بأن يحرق العبد حياً إذا وجه لسيده أي تهمة عدا تهمة الخيانة العظمى للدولة، وأن تنفذ فيه العقوبة على الفور دون بحث أو تحقيق في صحة التهمة (١٠٦). ولكن الكنيسة، وإن رضيت بالاسترقاق وعدته جزءاً من قوانين الحرب، قد فعلت أكثر من أية هيئة أخرى في ذلك الوقت لتخفيف شرور الرق. فقد جعلت مثلاً، على لسان آباء الكنيسة، المبدأ القائل بأن الناس جميعاً أكفاء، ولعل المعنى الذي كانت تقصده من هذا اللفظ أنهم أكفاء في الحقوق القانونية والدينية؛ وطبقت هذا المبدأ فرضيت أن يدخل فيها الناس جميعاً من كل الطوائف والطبقات؛ وكان في وسع أفقر رجل حر أن يرقى إلى أعلى المناصب الدينية؛ وإن لم يكن في مقدور العبد أن يكون قسيساً. وألغت الكنيسة ما كان في الشرائع الوثنية من تمييز بين الضرر الذي يلحق بالحر، والذي يلحق بالعبد، وكانت تشجع عتق العبيد، فجعلت فك الرقاب من وسائل التكفير عن الذنوب، والاحتفال بحظ يصيب صاحب العبد