خرجن صحبهن رقباء من الخصيان والخدم (١٢٧). أما الطبقات السفلى فلم تكن نساؤها أكثر من آلات لصنع الأطفال، وإذا لم تكن لهن بائنات كانت مكانتهن لا تكاد تفترق عن مكانة الإماء (١٢٨). وتشير عبادة عشتار إلى أن المرأة والأمومة كان لهما قسط من التبجيل في بلاد بابل، كانت تشير عبادة مريم العذراء في العصور الوسطى إلى ما كان لها من التبجيل وقتذاك؛ ولكننا إذا أخذنا بقول هيرودوت إن البابليين إذا حوصروا " كانوا يخنقون زوجاتهم لكيلا يستهلكن ما عندهم من الطعام "(١٢٩)، لا نرى أن البابليين كانت لديهم كثير من صفات الشهامة والفروسية التي كانت لدى الأوربيين في تلك العصور.
لذلك ترانا نجد بعض العذر للمصريين إذا وصفوا البابليين بأنهم قوم لم يصلوا إلى درجة كبيرة في الحضارة. والحق أننا لا نجد عندهم ما تشهد به آداب المصريين وفنونهم من رقة أخلاقهم ومشاعرهم. ولما أن وصلت هذه الرقة إلى البابليين وصلت إليهم تحت ستار الانحلال المخنث .. فكان الشبان يصبغون شعرهم ويقصونه، ويعطرون أجسامهم، ويحمرون خدودهم، ويزينون أنفسهم بالعقود والأساور، والأقراط، والقلائد. ولما فتح الفرس بلادهم وقضوا بذلك على عزتهم النفسية، تحرروا أيضاً من جميع القيود الخلقية، وسرت عادات العاهرات إلى جميع الأوساط وأضحت نساء الأسر الكبيرة يرين أن إظهار محاسنهن أياً كانت ليستمتع بها أعظم استمتاع أكبر عدد مستطاع، أصبحن لا يرين في هذا شيء أكثر من مجاملة عادية (١٣٠). وإذا جاز لنا أن نصدق هيرودوت فإن "كل رجل من عامة الشعب إذا عضه الفقر، عرض بناته للدعارة طلباً للمال"(١٣١). وكتب كوتنس كورتيس عام ٤٢ ب. م يقول:"ليس ثمة أغرب من أخلاق هذه المدينة. فلسنا نجد في أي مكان آخر ما نجده فيها من تهيئة كل شيء على خير وجه لإشباع الملذات الشهوانية". لقد فسدت الأخلاق وانحلت حين أثرت الهياكل، وانهمك أهل بابل في ملذاتهم فرضوا أن تخضع مدينتهم للكاشيين والأشوريين والفرس واليونان.