للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صولجاناً يهزه بيده، وإذا رأيت لديه مجموعة كاملة من العصي … فليس هذا أو ذاك إلا مظهراً خارجياً يبعث به الخوف الكاذب في النفوس. لقد مر أبوك وأمك بهذا كله في أيامهما، ثم عاشا بعدهما ليخففا عني في شيخوختي الهادئة الصافية عبء السنين" (٢٨). وما أسعد حظ أوسنيوس إذ عاش ومات قبل أن يجتاح البلاد تيار البرابرة الجارف.

وكانت منزلة أبلينارس سيدونيوس Appolinaris Sidonius في النثر الغالي أثناء القرن الخامس كمنزلة أوسنيوس في الشعر الغالي في القرن الرابع. لقد خرج سيدونيوس على العالم فجأة مدينة ليون (٤٣٢) حيث كان يقيم أبوه حاكم غالة. وكان جده قد شغل هذا المنصب نفسه قبل أبيه، وكانت أمه من أقارب أفتوس Avitus الذي جلس على عرش الإمبراطورية في عام ٤٥٥. والذي تزوج سيدونيوس بابنته عام ٤٥٢. وكانت كل هذه سبلاً ممهدة يصعب على الإنسان أن يجد خيراً منها. وجاءت إليه ببيانلا ببائنة هي قصر ريفي مترف بالقرب من كليرمنت Clermont. وقد قضى عدداً من سني حياته في الذهاب لزيارة أصدقائه من النبلاء والعودة من هذه الزيارات. وكان أولئك الأصدقاء أناساً ذوي ثقافة ورقة يميلون إلى الدعة والمغامرة (٢٩)، يعيشون في بيوتهم الريفية، وقلما يغمسون أيديهم في رجس السياسة. وكان في وسعهم أن يحملوا حياتهم الناعمة المترفة من الغزاة القوط. ولم يكونوا يهتمون بحياة المدن، فقد أخذ ذوو الثراء الواسع من الإنجليز والفرنسيين في ذلك العهد يرون ما في حياة الريف من متع لا توجد في المدن، وقد جمعت هذه البيوت الريفية المنبسطة ذات الحدائق كل وسائل الراحة وأسباب الجمال، من أرض مرصوفة بالفسيفساء، وأبهاء ذات عمد، وجدران منقوشة عليها مناظر طبيعية، وتماثيل من الرخام أو البرونز ومواقد فخمة، وحمامات، وحدائق وملاعب تنس (٣٠)، ومن حولها غياض يستطيع الرجال والسيدات أن يصيدوا فيها ويطلقوا البزاة. وكان بعضها يحتوي ١٢٥ حجرة، وفي كل منها