الجماهير ويهدئوا أفكارهم. وتركزت الثروة في أيدي عدد قليل من الأفراد، وكانت الثغرة الواسعة التي تفصل الأغنياء عن الفقراء، والمسيحيين عن اليهود تقسم الأمة ثلاث دول مختلفة؛ فلما أن جاء العرب لم يبال الفقراء واليهود بسقوط دولة ملكية وكنيسة لم تظهر شيئاً من الاهتمام بفقرهم وسامتهم كثيراً من أنواع الاضطهاد الديني.
ولما مات وتيزا Witiza ملك أسبانيا الضعيف في عام ٧٠٨ لم يقبل الأشراف أن يخلفه على العرش أحد من أبنائه، بل أجلسوا عليه ردريك (لزريق) Roderick، ففر أبناء وتيزا إلى أفريقية، واستغاثوا بزعماء المسلمين. وقام المسلمون ببضع غارات تمهيدية على السواحل الأسبانية، عرفوا بها أن أسبانيا منقسمة على نفسها، وأنها تكاد تكون مجردة من وسائل الدفاع، فجاءوا إليها في عام ٧١١ بقوة أكبر من قوتهم السابقة. والتقت جيوش طارق ولزريق في معركة على سواحل بحيرة يندا Janda في ولاية قادس، انضمت فيها قوة من القوط إلى العرب؛ واختفى لزريق من المعركة. وتقدم المسلمون المنتصرون إلى أشبيلية، وقرطبة، وطليطلة؛ وفتحت كثير من المدائن الأسبانية أبوابها للغزاة. وأقام قائد العرب موسى ابن نصير في العاصمة الأسبانية (٧١٣)، وأعلن أن أسبانيا أصبحت من ذلك الوقت ملكاً للمسلمين وللخليفة الأموي في دمشق.